ملتقى شباب سبسطية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء الثاني عشر

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني عشر Empty الجزء الثاني عشر

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 12:54

الجزء الثاني عشر

هذا هو الجزء الجديد من قصتي
والتي تأخرت ..
لظروف خاصة ..
ولكني أعدكم أن يكون هذا الجزء مليئاً بالتشويق لآخر قطرة ..
وأنكم لسوف تلهثون من فرط التشويق
ها أنا أقدم لكم ..
الجزء الجديد من رائعتي :
حب في المستشفى الجامعي
بقلم : د.خالد أبوالشامات




مضت ثلاثة أيام على تلك الأحداث ..
لم تستطع همسة أن تحضر للمستشفى ..
طلبت إجازة ..
وجاءها خبر السفر مكملاً تلك السلسلة التراجيدية من الأحداث الأخيرة التي صارت تستبيح عالمها بلا استئذان ..

وفي هذه الأيام .. راحت تفكر ..

ماذا ؟ هل أذهب ؟

أوليس هذا الحلم الذي راودني منذ أن كنت في سنة أولى طب ؟

أليس بشار قد تخلى عني ؟

ولكني قد وعدته ..

لا .. لا .. لا يهم الآن ..

هناك هدف أعلى ..

ولكني أحبه !

كان الصراع الذي يدور في رأسها كبيراً جداً ..

قلق عليها والداها ..

وكلما كانا يتحدثان لها .. كانت تتهرب من الإجابة ..

إن همسة ذلك النوع من الشخصيات ..

التي تتخذ قرارها بنفسها ..

ولا تحب أن تشغل الآخرين بمشاكلها ..

فهي تؤمن أنها لن تدع مجالاً لأحد كي يستخف بمشاعرها ..

أو حتى تصرفاتها ..

وكانت الأم هي التي ربت هذه الشخصية الأمريكية الأصل في نفسية همسة ..

إلا أن البيئة الشرقية التي تربت فيها كان لها أيضاً نصيب في التأثير على شخصيتها ..

ليجعل هذا الصراع محتدما بهذه الطريقة ..

المشكلة أنها كانت تفكر في تلك اللحظات التي قالت فيها تلك الكلمات لبشار ..

إنها لم تكن ضعيفة بهذه الطريقة في حياتها ..

لقد كانت تتعلق بقشة ..

ولكنها خسرت كل شيء ..

صحيح أنها تحبه .. ولكن كان لا بد لها أن تكون أكثر قوة ..

كيف فعلت ذلك ؟

إنما هي لحظة من التهور ..

لحظة من المجازفة التي قد تربح وقد تخسر فيها ..

وحقاً لقد خسرت ..

مضى بها التفكير كثيراً ..

آخذاً حيزاً عظيماً من عقلها وكيانها ..
وقررت في النهاية ..

نعم لقد قررت أن تسافر ..

وأن تبتعد عن كل هذه الأشياء ..

عن بحث بشار ..

إنها لا تريد منه شيئاً ..

إنها لا تريد البحث ولا تريد تلك المعلومات ..

تريد أن تمسح الماضي كله وتلقيه في حفرة من حفر النسيان ..

ولا بد أن البعد سوف يساعدها على عدم التراجع ..

نعم .. إنها تقدر أن تقسي قلبها ..

تقدر أن تكون أقوى من ذلك كما كانت ..

لا بد أن تنحي العاطفة قليلاً في حياتها ..

وتعود همسة سعود .. الفتاة المعروفة بثقتها في نفسها ..

لا بد أن تفعل ذلك ..

وعندما وصلت إلى هذه النقطة من تفكيرها ..

نهضت بقوة ..

كانت مرتدية بجامة نوم بيضاء اللون .. عليها بعض الأشكال الملونة ..

تصل إلى منتصف الساعدين والساقين..

كانت فيها أشبه بدمية صغيرة ..

نزلت إلى الطابق السفلي ..

كان أبويها يتحدثان في اهتمام ..

سمعت همسة بعض الكلمات المتطايرة :

البعثة .. السيارة الجديدة .. جامعة فلوريدا ..

نزلت همسة وكأنما قوة الشخصية التي كانت لديها تضاعفت مرتين ..

فقالت بجمود : مساء الخير ..

وقف والداها هنا ينظران لها بخوف ..

فقالت همسة مظهرة لا مبالاة :

ما بكم ؟

إن هذه الطريقة الدفاعية التي يستخدمها بعض الناس كي يظل في إحساس بالأمان .. وأنه لا يزال مسيطراً على أمور حياته ..

ثم جلست معهم .. وظل والداها ينظران لها بقلق ..

أما همسة فنظرت قليلاً .. ثم تبسمت وقالت : حقاً .. ما بكم ؟

فقال سعود أبوها : همسة حبيبتي .. إننا قلقون عليك .. ليس إلا ..

فقالت الأم بعصبية :

At least you own us a story

فقالت همسة وهي تنظر لأبويها بعيون قوية .. مفتوحة على اتساع كبير يظهر أغلب الحدقة بزرقتها الجميلة :

ليس إلا أني سأفارقكم ..

ابتسمت الوالدان ..

وقام سعود واحتضن ابنته في حب حقيقي ..

أما همسة فاحتضنته وهي تحس بألف ألم وهي تقول في نفسها بصوت كم تمنت لو يُسمع : إنه بشار .. وليس أنتم ..

وكم هو من الواضح أن الأب وعلى غير العادة يظهر هذا القدر من الحب لابنته كطابع شرقي في حين أن أم همسة لا تظهر الكثير من المشاعر في العادة فهي التي ربت في همسة قوة الشخصية العملية في تركيب شخصيتها ..

وبعد أسبوع ..

أنهت همسة كل شيء بسرعة فائقة على غير المألوف ..

إنها تريد أن تذهب في أقرب فرصة ..

ورتبت كل حاجياتها للسفر ..

وقامت والدتها بحفلة كبيرة ..

دعت فيها كل الأقارب وكل الأهل ..

والحق يقال .. إن همسة كانت سعيدة ..

نعم فهذا ما كانت تحلم فيه ..

وكلما جاءت صورة بشار في مخيلتها حاولت التشاغل بأي شيء ..

حاولت المستحيل ..

ونجحت كثيراً ولكنها أخفقت أكثر ..

وكانت كل مرة تقول في نفسها :

البعد سوف ينسيني ..

ذلك هو حلمي ..

إنه لا يفكر في حتى ..

وبالطبع في هذه الأيام أخذت إجازة حتى تستعد لسفرها ..

وفرحت كثيراً بتلك الحفلة ..

قامت والدتها بإعداد طعام شهي للغاية حفاوة بابنتها الدكتورة .. على الرغم من أن الأستاذ سعود رجل أسهم وعقارات ذا وزن وإمكانيات مادية .. تجعله ببساطة يستطيع أن يوفر لها أرقى حفلة في أرقى فندق ..

ولكن الوالدان .. أحبا أن يكون الوضع عائلياً دافئاً ..

وقابلت همسة الجميع بابتسامة كانت لا تنغصها إلا سهام الذكرى التي كانت تطلقها ذاكرتها على قلبها متمثلة في بشار ..

وقابلت همسة قريباتها اللواتي لم تقابلهن منذ زمن بعيد للغاية ..

وتعمدت همسة أن تكون لطيفة أكثر من اللازم .. بل صارت تلاعب بعضاً من الأطفال ..

إنها تريد بحق أن يذكرها الناس بالخير ..

أحست كم كانت حمقاء ..

حين فضلت الطب على حياة عائلية كهذه ..

إنها في بعض الأحيان كانت تنسى اسم بنت عمتها الصغيرة ..

فتخجل من نفسها ولكنها في النهاية تناديها بكلمات عذبة حتى تتحاشى الإحراج : يا عسل .. يا حلوة .. يا قمر ..

وجاء يوم السفر المنتظر ..

إن رحلتها الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ..

كانت تعد حقيبتها الأخيرة ..

لتحمل فيها بعض مستلزماتها الخاصة ..

وبينما هي كذلك ..

وقع يدها على الملف الأزرق ..

إنه ملف تجربة بشار ..

راحت تنظر إليه ..

وللحظات تاهت ..

وكأنما راحت في رحلة عميقة ..

وهي تتذكر بشار ..

بجلسته تلك على السرير ..

أخذت تمسح على الغلاف بيديها وتمسح على أجزاءه ..

لسوف ترجع الملف .. هذا أمر مؤكد ..

حتى ينتهي كل شيء يربطها ببشار ..

ولم ينقذها من هذا إلا صوت والدها وهو يطل برأسه من الباب قائلاً : حبيبتي همسة .. كل شيء على ما يرام ؟

نظرت له وأزالت خصل شعرها البنية المذهبة الأطراف وقالت :

أجل يا بابا .. لا عليك ..

أطال فيها النظر لبرهة ثم قال :

متأكدة أنك لا تحتاجينني كي آتي معك ؟

على الأقل في أول شهر حتى تتأقلمي مع الحياة هناك ؟

فقالت همسة وهي تبتسم بصدق :

لا .. شكراً يا بابا ..

هناك شخص مسئول من وزارة التعليم العالي سوف يستقبلني في المطار .. لا عليك ..

فقال الأب : على كل .. إن احتجت أي شيء ..

هناك ابن خال والدتك في Tampa

كلها ساعتين ويكون لديك ..

وإن احتجت بصدق لشيء هام .. لا عليك ..

أستطيع أن أحضر في أي لحظة ..

قامت همسة لا إراديا ..

واحتضنت والدها بحب حقيقي الذي تلقاها في صدره ..

وراح يحتضنها بقوة وهو يهمس في أذنيها : سوف أشتاق إليك يا حبيبتي كثيراً ..

ابتسمت همسة وتركت نفسها في حضن أبيها للحظات ..

أحست بالدفء .. بالأمان ..

التي لا يمكن أن تشعر به حتى في أحضان من تحب ..

كانت الساعة الثانية عشرة والنصف ..

حين كانت همسة تودع والدتها ووالدها في المطار ..

لحظات من التأثر ..

وعناق بدموع ..

ووصايا متعددة ..

وأحست همسة أنها تحلم ..

كانت رائحة المطار تلك تبعث في نفسها شعوراً عجيباً ..

والأصوات والهمهمات ..

كلها تلك بروتوكولات للمسافرين ..

كانت همسة لأول مرة تختبرها ..

ودخلت همسة إلى صالة المغادرين ..

وبعد دقائق دخلت من تلك الممرات البلاستيكية العجيبة ..

حتى وصلت إلى الطيارة ..

كانت المضيفة المغربية تحييها بتلك الابتسامة الأنيقة ..

وبعد لحظات كانت في مقعدها في الدرجة الأفق ..

ربطت حزامها ..
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجزء الثاني عشر Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجزء الثاني عشر Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجزء الثاني عشر Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني عشر Empty رد: الجزء الثاني عشر

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 12:55

كانت تلبس معطفاً سكري اللون ذو أكمام طويل ..

على غير العادة ..

حين كانت تسافر فتكتفي ببنطلون واسع وفضفاض ..

وقميص طويل ..

وهذه المرة كانت تلبس حجاباً بنياً مزين بنقوش إكليلية ..

في هذه الفترة من حياتها ..

صارت همسة تنظر للإحتشام والأدب ..

بشيء من نظرة المهابة ..

بشيء من الأهمية في حياتها .. وصارت تعطي لها وزناً مختلفاً ..

ربما ما كان يقوله بشار هو السبب ..

وربما إحساسها الذي بدأ ينظر لهذه الأشياء بنظرة أكثر واقعية ..

ربما هي رغبتها في التغير نحو الأفضل وإلى الأبد ..

وربما كل هذه الأمور مجتمعة ..

استغرقت الطائرة اثنتي عشرة ساعة حتى وصلت إلى مطار أورلاندو

وعندما وصلت ..

استغرقت ساعتين أخريين ..

في التفتيش والجوازات ..

كان كل شيء يسير بنظام الساعة ..

لم تستغرق كثيراً حتى انتهت ..

أحست بإحساس عجيب ..

أحست أنها مسؤولة عن نفسها بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ..

أحست من أنها لا بد أن تفعل كل شيء بنفسها ..

وأنها لا بد أن تبدأ من جديد ..

وأن تصهر حياتها بالقالب الذي تريده ..

وما هي إلا لحظات ..

حتى كان مبعوث وزارة التعليم موجوداً ..

كان رجلاً باكستانياً ذو ابتسامة عريضة ووجه حليق ..

أخذها من المطار ..

حتى يصل بها إلى : Gainesville

المدينة الجامعية التي تبعد حوالي ساعة ونصف عن أورلاندو

مدينة الترفيه العظيمة في ولاية فلوريدا ..

والتي تحوي ديزني لاند .. ويونيفيرسال ستديو

وغيرها من الأماكن .. التي يحلم بعض الأمريكان أنفسهم بالذهاب إليها ..

كان الطريق بديعاً بطبيعته الخلابة الرائعة ..

بل ببساطة استطاعت همسة أن تشاهد جميع أنواع الطقس التي يمكن أن تراها في رحلة واحدة ..

فالجو كان مشمساً للحظات .. وما لبث أن أصبح غائماً ..

ثم أمطر لحوالي ثلاث دقائق ..

ثم توقف المطر ..

شيء عجيب ..

وعلى الطريق تستطيع أن تشاهد المساحات الخضراء الواسعة للغاية ..

حتى إنها لتشبه كثيراً الجبل الذي كانت تسكن به هايدي في المسلسل الكرتوني الشهير ..

حتى الخيول .. والبقر والبيوت الخشبية العتيقة ..

وصلت السيارة إلى السكن الذي اختارته لها البعثة بعد اتفاق مسبق ..

Melrose compound

كان مجمعاً سكنياً مؤلف من وحدات سكنية متعددة ..

ولما وصلت شقتها التي كانت في الدور الأرضي .. شكرت الرجل ..

الذي كان في غاية التهذيب ..

وأعطاها كرته وقال لها في حال احتاجت إلى أي شيء ..

فإنها تستطيع أن تتصل عليه في أي وقت ..

وسوف يقدم لها الخدمة المطلوبة ..

كان الباب يفتح بواسطة البطاقة ..

وعندما نظرت إلى الباب ..

كان رقم شقتها : 642

توقفت برهة ..

تباً .. لم يحصل هذا لي ..

ولكنها تجاهلت كل هذا ..

ودخلت إلى شقتها .. التي طلبت أن يكون السكن فيها منفرداً ..

كانت الشرفة تطل على مساحة خضراء تخص كل وحدة سكنية ..

وقد بدأت بعض الأشجار تسقط أوراقها معلنة بداية الخريف ..

كانت جائعة للغاية ..

اتصلت على الدليل .. وطلبت رقم أي مطعم يوصل مجاناً ..

وما هي إلا ثلث ساعة بالضبط وكانت البيتزا تدق على بابها ..

جلست تأكل ..

وتركت أشياءها متناثرة ..

إنها بحاجة إلى الراحة ..

دخلت إلى غرفة النوم .. وتركت بقية الأغراض في الصالة ..

ونامت بملابسها ..

بعد أسبوع من وصول همسة ..

كانت قد بدأت تألف المكان شيئاً فشيئاً ..

ولكنها كانت تحس بوحدة كبيرة للغاية ..

كانت كل يوم تتصل بوالدتها ووالدها ما يقارب ساعة أو أكثر ..

أو تكلمهم عن طريق الماسنجر ..

ولكن أحياناً يكون فارق التوقيت عائقاً لكل منهم ..

ولكن المشكلة ..

أن هذه الوحدة لم تساعدها على نسيان بشار أبداً ..

بل زادت من التفكير به ..

حتى إنها أحيانا تغلق أذنيها .. حتى لا تحس بطنين اسمه ..

أو تفتح التلفزيون .. حتى تشغل نفسها ..

لم تكن دراستها قد بدأت ..

وإنما في بداية الأمر ..

لا بد من سنة كاملة .. إعدادية ..

تأخذ فيها بعض المواد الأساسية ..

قبل أن تشرع في برنامج الزمالة ..

في University of Florida

وطبعاً كانت الدراسة في البداية خفيفة ..

حيث إن الجد لم يبدأ بعد ..

ومضى أسبوع آخر ..

ولكن حالة همسة لم تتحسن بل زادت سوءاً ..

صارت تفكر في بشار بطريقة غير عادية أبداً ..

وانتهى بها الأمر أن صارت ..

تبكي ..

وتقول : أريد أن أنساك ..

أرجوك .. أريد أن أنساك ..

بل إن همسة فكرت كثيراً في أن تشتري بيرة أو أي شيء قد ينسيها ..

ذهبت وفتحت حقيبة ملأتها بالكتب العربية ..

وراحت تبحث عن واحد منها حتى تنشغل بالقراءة ..

ووجدته ..

وجدت الدب الأبيض في ركن الحقيبة الكبيرة ..

أخذت تنظر إليه للحظات ..

ما الذي أتى بك إلى هنا ؟

لا بد أنها أمي .. لا بد أنها هي التي فعلت ذلك ..

تباً !

لذلك لا أحب أن يرتب لي أغراضي أحد ..

ظلت تنظر فيه لبضع ثواني ..

ثم مددت يدها بأصابع مرتجفة ..

أمسكته ..

وراحت تتأمل في عينيه البنيتين ..

وأخذت تمسح على قبعته ..

ضحكت .. والدموع في عينيها ..

قبلت الدب ..

ثم وضعته مكانه ..

وراحت إلى الشارع تمشي غير عابئة بأي شيء ..

محاولة النسيان

كانت حالتها تزداد سوءاً ..

ووجودها وحدها لا يخفف عنها الأمر أبداً ..

بل إنه يزيده مشقة ..

حتى إن ذلك أثر في دراستها بشكل واضح ..

كانت كثيراً ما تسرح في الجامعة ..

بل إنها أصبحت قليلة الإهتمام ..

إنها لا تستطيع أن تحتمل كل هذه الأمور دفعة واحدة ..

أما كشكول همسة ..

فعانى من اسم بشار بكل الطرق والأحرف ..

في الركن .. في الطرف العلوي من الصفحة ..

بالعربي والإنجليزي ..


الأسبوع الرابع :

لم تستطع همسة أن تنام منذ أكثر من يومين ..

شعرها أصبح منكوشاً ..

ساءت حالتها الصحية بشدة ..

اتصلت أكثر من مرة على السعودية ..

ولكنها لم تكلم والدها ..

بل اتصلت على المستشفى ..

وصارت تسمع صوت بشار في كل مرة ..

معاناة حقيقية لمن يحب أن يتعذب بمن يحب ..

معاناة .. أن لا نستطيع النسيان ..

معاناة قد توصلنا إلى أشد الحالات كآبة في الدنيا ..

في لحظة واحدة .. نظن أننا قد سيطرنا على أنفسها ..

وفي اللحظة التالية .. نتراجع وننكمش وترانا نهوي في جنون الحب ..

كذب من قال إن كل الذين قرروا أن يتخلوا عن محبيهم استطاعوا ..

أو أن ذلك البطل الذي ترك حبيبته لأي سبب كان ورحل استطاع أن يمضي سنيناً من النسيان ..

لا إن المعادلة ليست بهذه البساطة أبداً ..

بل إن الموت والله يكاد يكون أقرب للإنسان من أن يستمر في هذا التعذيب النفسي الذي لا ينتهي أبداً ..

كانت السماء ممطرة في ذلك اليوم ..

حين أكملت همسة شهراً كاملاً ..

شهراً كاملاً من العذاب النفسي ..

أما همسة ..

فقد كانت تنظر في النافذة المطلة على الشرفة ..

بعيون حزينة .. تنتظر لحظة الإيذان .. حتى ترسل تياراتها الدمعية ..

وحتى تسيل في الخدود المشمشية تلك القطرات البلورية ..

كانت تحس بغصة في حلقها ..

وزادت الأمطار حدتها ..

زادت كثيراً ..

حتى صارت تضرب الأشياء في صوت مسموع وبقوة ..

لن تستطيع أبداً أن تشاهد مطراً مماثلاً له هنا في السعودية ..

رياح سريعة وقوية وباردة ..

تجعل مسار حبات المطر في شكل منحنى ما ..

وللحظة ..

أحست همسة أنها تريد أن تنتحر ..

تريد أن تموت ..

تريد أن تصرخ ..

بكل الألم في صدرها بكل الوجع في قلبها ..

كانت ترتدي قميصاً رمادي اللون ثقيلاً من ماركة : GAP

وبنطلون جينز أزرق ..

وكان شعرها مرسلاً ..

وفجأة ..

فتحت باب الشرفة ..

وخرجت ..

في المطر ..

وراحت القطرات تنزل عليها بقوة كبيرة ..

حتى أنها تألمت قليلاً .. وتبللت في ثواني كما لو أنها دخلت في مسبح من شدة المطر ..

والجو بارد .. جعلها ترتجف من البرد ..

ولكن قلبها كان يفكر في بشار ..

بشار وحسب ..

إنها بحق لا تعرف حتى لم تفكر فيه كل هذا التفكير ..

عقلها يبعدها عنه بكل الطرق وقلبها لا يريد أن يتزحزح قيد أنملة حتى ..

وقفت ورفعت وجهها للسماء ..

وأغمضت عيناها ..

والمطر يضرب جفونها في غزارة ..

ولكنها أخيراً صرخت بكل قوتها

بكل المشاعر في نفسها ..

بكل الأحاسيس التي حملتها ..

بكل العذاب الذي قاسته في هذا الشهر ..

آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه

لم يكن لصوتها صدى ..

لم يهتم أحد ..

لم يكن أحد ينظر لها حتى ..

سقطت على ركبتيها ..

وراحت تبكي في مرارة ..

كانت دموعها وكأنها تتحدى المطر ..

كانت ضعيفة ..

بقدر القوة التي أجبرت نفسها أن تتحلى بها وقت السفر وفي الأيام التي قبلها ..

كيف لك أيها الحب أن تدخل أعمارنا .. وتستبيح أحلامنا ..

وتغير من مسارات حياتنا ؟!

كيف لك أيها الحب أن تعبث بنا كريشة في مهب الريح ..

كيف لك أن تنزع كل كبريائنا وقواتنا وأشياء أقسمنا ألا نغيرها؟!

كيف لك أيها الحب .. كيف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!

بعد يومين كانت أم همسة وأبوها في شقتها ..

والأم تجلس بجوار همسة تحتضنها في السرير ..

لقد أصيبت همسة بنزلة برد حادة ..

اتصلت على أهلها .. وأخبرتهم أنها تحتاجهم بشدة ..

ترك الأستاذ سعود كل ما لديه هناك ..

وحجز على أول طيارة وجاء ..

أما همسة .. فكانت ترتجف من البرد .. وهي تقول :

ماما .. لا أستطيع أن أبقى ..

أريد أن أعود ..

لا أستطيع أن أبقى هنا ..

لم تحتمل الأم ..

لم تستطع أن ترى ابنتها تعاني كل هذا ..

احتضنتها بخوف حقيقي وهي تقول : لا تخافي يا حبيبتي .. لا تخافي أنت معي الآن .. أنا ماما ..

التفتت الأم وقالت لسعود :

I will not back without my child !

نظر فيها سعود للحظات ..

اقترب هو أيضاً من همسة ..

وقال : حبيبتي همسة .. إن كنت تودين أن تعودي ..

فلنرجع لا عليك ..

ولكن همسة أخذت تنظر فيهما وهي تذرف الدموع وتقول :

ولكن حلمي .. وطموحي .. ماذا سيقول الناس عني ..

قال لها : فليقولوا ما يشاؤون .. بنتي عندي أهم من الدنيا كلها ..

ولا تهمك وزارة التعليم العالي
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجزء الثاني عشر Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجزء الثاني عشر Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجزء الثاني عشر Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني عشر Empty رد: الجزء الثاني عشر

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 12:56

سأتكفل أنا بكل شيء ..

لا تخافي يا حبيبتي .. نحن كلنا معك ..

بكت همسة مرة أخرى ..

فراحت أمها تحتضنها وهي تحس بالألم ..





بعد خمسة أيام ..

كانت همسة قد وصلت إلى السعودية ..

لم تستطع البعد ..

لم تستطع أن تترك حبها بهذه الطريقة ..

وإن كان الثمن مستقبلها وحياتها ..

إن الأمر أكبر منها ..

بحق إنها لا تستطيع ..

من السهل جداً أن نتحدث عن سخافة وضعف ما فعلته همسة ..

وحتى همسة كانت ستقول عبارات في غاية القسوة ..

لو ما شاهدت فتاة تفعل بنفس صنيعها ..

ولكن لا يستطيع أحد أن يدرك الجحيم الذي عاشته همسة ..

إنها لم تستطع أن تستمر ..





ولما رجعت إلى غرفتها ..

أحست بألفة ..

نعم .. أحست بدفء حقيقي ..

أحست كم هي تحب غرفتها هذه ..

كم تعشقها ..

وضعت رأسها على سريرها ..

وغطت نفسها ..

أحست براحة غير عادية على الإطلاق ..

ونامت على الفور ..





استيقظت همسة في نشاط وراحة ..

كانت الساعة التاسعة مساءً ..

لقد نامت حوالي ثماني ساعات متواصلة ..

نهضت وصلت صلواتها بسرعة ..

ولما انتهت ..

جلست مع أبويها في الأسفل ..

يتجاذبون أطراف الحديث ..

لم يحاول واحد منهم أن يسألها عما تنتويه ..

ولا ما تفكر فيه الآن ..

أهم شيء أن ابنتهم لديهم الآن ..

وأنها بخير وصحة وعافية ..

حتى لو توقفت عن الدراسة ..

بل حتى لو خرجت من وزارة الصحة .. وعادت بنتاً عادية ..

لا يهم ..طالما أنها بخير وسعيدة ..

كثير من الناس يخطئون في تقدير السعادة ..

ويقيسونها بالإنجازات .. والمال .. والأسبقية للمركز الاجتماعي ..

في حين أن أحداً منهم .. لا يعرف قيمة الراحة النفسية والقناعة ..

وأنها أهم من أي شيء في الدنيا ..







وفي الحادية عشرة ..

لبست همسة ..

كانت تستعد للمشوار الذي كانت تفكر فيه منذ أن قررت أن تعود إلى السعودية ..

متخلية عن كل شيء من أجله ..

لبست لبساً خفيفاً ..

ولبست معطف الأطباء ..

وضعت بطاقة المستشفى التي كانت ما تزال تمتلكها ..

وراح عقلها يسرد عليها آلاف الصور السريعة ..

" نظارة أم خمسة ريالات "

" عصير تروبيكانا الدوائي الطعم "

" ضحكة قصيرة يطلقانها سوية "

" لم أفهم هذه النقطة "

" إني أحبك "

" صورة لبشار وهو فوق السرير "

" دموع همسة في غرفتها "

عضت همسة على شفتيها وهي تتذكر كل هذه الأشياء ..

وراحت تقول في نفسها :

لقد استسلمت لك يا بشار ..

أعترف ..

لم أستطع أن أتخلى عنك ..

ليس لأني طيبة .. أو أني أود أن أساعدك ..

بل لأني لا أقدر ..

لا أقدر أن أعيش بدون أن أراك كل يوم ..

لا أقدر أن أعيش دون أن تسخر مني ..

لا أقدر أن أعيش دون أن تعبث بحياتي ..

لا أستطيع أن يكون لي معلم غيرك أنت ..

لا أقدر أبداً ..

صحيح أنك لا تحبني ..

ولكن ..

أنا أحبك ..

وأرضى أن أكون فقط إلى جوارك ..







خرجت من المنزل بعد أن قالت لوالديها أنها ذاهبة إلى المستشفى لبعض الإجراءات الضرورية ..

ورغم إصرار أمها على تأجيل المشوار ..

إلا أنها أصرت وقالت بأنها لن تتأخر ..







ركبت همسة السيارة ..

وتحركت السيارة ..

شغلت فرقتها المفضلة بلو ..

وراحة تستمع ..

وأحست براحة عجيبة ..

حين راحت مدينة جدة تطلع عليها ..

بشوارعها .. وأنوارها .. وأهلها .. والضوضاء التي تعمها ..

والحياة التي تضج بها ..

ببساطتها .. وفقرها وغناها ..

بكل شيء فيها ..

إن هذا هو موطنها ..







وصلت المستشفى ..

وكأنها لأول مرة تدخله ..

راحت تتأمل تلك الأعمدة الصغيرة التي تحيط الدوار الأخضر أمام بوابتها ..

والتي تنتهي بأضواء خافتة ..

تبدع منظراً في غاية الجمال

دخلت همسة من البوابة الزجاجية التي تفتح تلقائياً ..

كانت الثريا العظيمة تواجهها ..

وفي الوجه مباشرة .. نصف دائرة رخامية .. للاستعلامات ..







وفي اليمين صالة الاستقبال الخاصة بكبار الشخصيات ..

كانت الفخامة تملأ المكان ..

والنخيلة التي كانت تنتهي كشمسيات زجاجية ..

وحولها مقاعد خضراء اللون تتوزع في البهو الوسيع ..

أما في اليمين .. فيربض المصلى الأنيق والجميل ببساطه الأزرق الملكي ..

تقدمت همسة للأمام والابتسامة على ثغرها تكاد تشقها شقاً ..

نحو ممر خاص بالمصاعد الذهبية

التي يبلغ عددها ثمانية مصاعد

في كل جانب أربعة منها

وعلى الحائط في المقابل

خريطة للدور الاول

كانت المستشفى ضخمة بحق

7 أدوار كاملة

شيء بديع وجميل للغاية

ولكن الممرات كانت ضيقة جداً ..

والغرف جوار بعضها البعض

شيء للأطباء

وأخرى فقط لإقامة مجموعة دراسية مصغرة ..

وأخرى للمختبر

وكلها بجوار بعضها

راحت همسة بين الممرات تدخل من واحدة إلى واحدة .. وهي تعرف طريقها ..

إلا أن المستشفى تكاد أن تكون متاهة بالفعل

مع كثر التعقيدات التي فيها لمن لا يعرفها ..

والتي تعكس العقلية التي تقوم بالتدريس ..


كانت أصوات الهاتف ترن في كل مكان كما اعتادت همسة في السابق .. ونداءات للأطباء في التوجه إلى بعض الغرف لحالات طارئة ..

والناس ينتشرون في كل الأنحاء

لا سيما الأطفال

الذين تجدهم في كل مكان

بمختلف الحالات والهيئات ..

كل هذه الأمور كان لها تأثير خاص على همسة ..

وشعور بالألفة والراحة النفسية ..

وراحت تقول في نفسها :

هنا أريد أن أموت ..

كم أحب هذا المكان ..

إنه منزلي .. بحق ..

عدد الساعات التي أقضيها هنا أكثر بكثير من الساعات التي أقضيها في المنزل ..

وصلت همسة إلى الدور الثاني ..

وتوجهت إلى الغرفة ..

وكلما اقتربت ..

كان قلبها يدق في عنف واضح ..

اقتربت حتى وقفت أمام الباب ..

نظرت إلى رقم الغرفة : 642

جمعت أنفاسها المتسارعة ..

طرقت الباب ..

ودخلت




سأتوقف هنا ..
حتى تكون الحماسة في ذروتها ..

كم سيكون الجزء الجديد مثيرررررررررررررررراً بما أعددته له خصيصاً

انتظروني ..
أتمنى أن الجزء كان طيباً
ولكم مني كل تقديري واحترامي
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجزء الثاني عشر Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجزء الثاني عشر Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجزء الثاني عشر Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني عشر Empty رد: الجزء الثاني عشر

مُساهمة من طرف همسة حب 2008-07-15, 20:44

يعطيك العافية
همسة حب
همسة حب
•-«[ سبسطية الصمود ]»-•
•-«[ سبسطية الصمود ]»-•

عدد الرسائل : 3721
العمر : 33
رقم العضوية : 25
الاقامة : بلاد الله الواسعة
مزاجي : الجزء الثاني عشر Unknow10
معدل تقيم المستوى :
الجزء الثاني عشر Left_bar_bleue20 / 10020 / 100الجزء الثاني عشر Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 03/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى