ملتقى شباب سبسطية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجز الثامن والتاسع من القصه

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:37

الجزء الثامن


كان بشار يجلس في غرفة المعيشة البسيطة ..

وكوب من الشاي في يديه ..

يتأمل خيال صفحة وجهه على سطحه ..

ثم نظر أمامه ..

كانت عائلة مايا كلها تنظر فيه ..

الأم تجلس وهي تنظر إلى الأرض في تفكير عميق ..

والأب يجلس يحك رأسه وهو يفكر ..

وساندو يقف صامتاَ عند الباب متكأً عليه دونما نظرة ذات معنى ..

أما مايا .. فلم تنزل عيناها من على بشار ..

تتأمله في شيء من الدهشة ..

كيف لها ألا تعرف كل هذا عن بشار ؟!

ولكن لم يكن بينهم الشيء الكثير ..

لعل الشيء الكثير لم يتجاوز حتى بضعة أيام ..

وإن كانت أطيافه قبل ذلك بمدة أطول قليلاً ..

وقفت مايا ..

عبرت الغرفة الواسعة حتى وصلت إلى بشار ..

تعلق أبصار الوالدين بها .. وهما ينتظران أن تقول شيئاً ..

قالت مايا :

وهي تنظر إلى أهلها :

له دين مختلف ..

وماذا في هذا ؟

إنه هنا لعلاجي كما تعلمون ..

لقد قام بهذا الشيء دونما ثمن ..

ألا يستحق أن نمنحه حريته الشخصية ..

فقال الأب بجدية :

مايا مرضك ليس بالخطير ..

حدق بشار فيه باستغراب ..

وهم بالكلام ..

ولكن مايا وضعت يدها على كتفه .. وضغطت عليه قليلاً وهي مازالت تنظر لوالدها ..

فكر والدها قليلاً ..

ثم تنهد وقال :

معك حق .. إنها حريته الشخصية ..

وله الحق في أن يفعل ما يريد ..

ولكنه نظر إلى بشار وقال بجدية بالغة :

هل دينك هذا فيه شيء من السحر الأسود ؟

لقد رأيتك تتمتم ببعض الكلمات الغريبة ؟

فقال بشار وهو يرفع أحد حاجبيه مستنكراً : سحر أسود ؟

لا لا .. ديننا يحرم السحر بكل أنواعه ..

بل من يستخدم السحر يعتبر خارج دائرة الإسلام ..

فقال السيد أونيزكا :

إن كان كذلك فلا بأس به أبداً ..

ثم خرج من الغرفة .. واخذ معه ساندو ..

وبعض لحظة صمت ..

جاءت أم مايا وقالت لبشار :

لا عليك .. إنه هكذا .. ولكنه بعد لحظات سوف ينسى كل شيء ..

ابتسمت له بلطف ..

نظر فيها بشار وابتسم ..

كم تشبهها مايا كثيراً ..

لا بد أن والدتها كانت في أيام صباها جميلة جداً ..

ثم خرجت الأم هي الأخرى ..

ولم يتبقى سوى مايا وبشار ..

كان صوت العصافير مغرداً في الخارج ..

وشجرة تفاح في الحديقة ..

يتسرب ضوء الشمس من خلالها .. ويلقي ببعض الضوء على الغرفة الخشبية ..

جلست مايا أمام بشار ..

وابتسمت ..

وأحس بشار أنه رغماً عنه يبتسم ..

ولكنه ما لبث أن تذكر شيئاً هاماً فقال لها :

لمَ لم تخبري أهلك بأنك ......... ؟

نظرت فيه مايا ..

ضمت شفيتها في إحباط وقالت :

لقد أخبرتهم .. أني مصابة بفيروس ..

وأني أحتاج إلى النقاهة فقط ..

فقال بشار : لماذا ؟

وقفت مايا .. وتوجهت نحو الباب ..

وكان ضوء الشمس .. يغمرها ..

حتى أصبحت مايا كأنها تتلألأ ..

كان ظهرها مقابلاً له وهي تقول :

بشار .. أنا البنت الوحيدة لأبي وأمي ..

لا أريد أن ينفطر قلبهما من الحزن ..

ثم لوحت رأسها وقالت ونصف وجهها ظاهر .. تنسدل عليه بعض شعيراتها الفاتنة :

طالما أن هناك أملاً ..

أطالت النظر فيه كثيراً ..

كانت تنظر في عينيه هذه المرة بدون خجل ..

كانت تنظر فيه وكأنما تقول له :

أنا أثق بك ..

وأحس بشار ..

بالكثير والكثير ..

اندفعت في نفسه حماسة ..

وأحس أنه أمام مسؤولية كبيرة ..

أحس بعمق محبة خارقة ..

فأومأ لها برأسه إيجاباً ..

خرجت مايا ..

وأغلقت الباب في هدوء ..

وسارت ووقع خطاها لا يكاد يظهر ..

وهي تلبس في رجليها جوارب بيضاء من الكتان ..

جلس بشار يفكر قليلاً ..

وبعد لحظات ..

أخذ يخرج أوراقه ..

ويرتبها ..

لابد من العمل اليوم ..

ليس هناك الكثير من الوقت ..

هذه الكتب هنا ..

وهذه الأوراق هنا ..

والعقار ..

لا يحتاج إلى درجة حرارة منخفضة ..

بل بالعكس ..

يحتاج إلى درجة حرارة متوسطة ..

حتى لا تتكسر الروابط الكيمائية في داخله ..

ولكن إذا زادت درجة الحرارة عن 40 درجة مؤية ..

فإن العقار سيتحول إلى سائل عديم الفائدة ..

لذلك كان لدى بشار مستعداً لهذه الظروف بثلاجة صغيرة زرقاء ..

تعزل الحرارة .. في حال ارتفعت..

وبعد ذلك ..

علق بشار جدولاً ..

فيه مواعيد الحقن والعلاج ..

وبعض مواد التغذية التي لابد أن ترافق هذا النوع من العقاقير ..

علق الجدول بشريط لاصق شفاف على الجدار ..

وقال وهو ينظر بحماس وقوة :

سوف أنقذك يا مايا لا تخافي ..
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:38

تكملة الجزء الثامن


ابتسم بشار في حجرة المستشفى فوق سريره إلى همسة التي كانت تنظر فيه باهتمام ..

نهض من سريره ..

وهو لم يغير ذلك اللباس الأزرق الممزق ..

وتوجه بقدم حافية إلى النافذة وهو يقول :

سوف يؤذن الفجر قريباً ..

ثم تطلع فيها مبتسماً ..

ولكن همسة تجاهلت كلامه وقالت :

ماذا حدث بعد ذلك ..

قال لها وهو يتوجه إلى الحمام ..

بعد ذلك سأتوضأ .. وأصلي وأنااااااااااام ..

لأني مرهق بالفعل ..

ثم ماذا عن مرضاك ؟

ألا ينبغي أن تذهبي إليهم حتى تطمأني عليهم ؟

قالت وهي لا تريد إلا أن تعرف بقية القصة .. قد قتلها الفضول :

ما الذي حصل ؟

أريد أن أعرف ..

ولكنها لم تسمع سوى صوت بشار وهو يتوضأ ..

وصوت الماء وهو يتساقط في المغسلة ..

وبعد لحظات ..

خرج بشار ..

وبعض القطرات تلتصق في ذقنه ..

وهو يمسح يديه بمنديل أبيض ..
ثم قال كأنه واعظ :

الصلاة .. الصلاة .. حي على الصلاة .. حي على الفلاح ..

أحست همسة بالغيظ ..

لم لا يكمل ؟

هناك وقت كافي للصلاة ..

فقالت : هل عاشت أم مـ ........

كان بشار متوجها نحو السجادة وهي تتكلم .. حتى إذا ما وصلت إلى سؤالها ..

كبر معلناً بداية الصلاة وقال : الله أكبر ..

وكأنما هي غير موجودة ..

"الحمد لله رب العالمين .. "

اشتعلت همسة حقداً ..

خرجت من الغرفة ..

وأغلقت الباب بشيء من القوة ..

وقالت وهي تخرج :

يا إلهي كم هو يغيظني ..

لا بد أنه يتلذذ في ذلك ..

وذهبت ..


الساعة : 12 ظهراً

اليوم ستبدأ دوامها في الواحدة ظهراً

لذلك عادت إلى بيتها مباشرة بعد أن خرجت من عند بشار ..

صلت في المنزل ونامت ..

استيقظت على صوت الجوال ..

نهضت بكسل شديد ..

ما هذا الإحساس بالخمول ؟لابد أن بسبب تغيير المواعيد ..

يا إلهي .. أريد أن أنام ..

غطت وجهها بالفراش ..

ولكن بعد لحظات ..

كشفت الفراش ..

وقالت : ما الذي حصل لمايا ؟

لا بد أن أعرف ..

نهضت من فراشها ..

وذهبت إلى الحمام ..

وبعد استحمام سريع ..

ذهبت إلى دولاب ملابسها ..

اليوم .. ماذا سألبس ؟ ماذا سألبس ..

أخذت تفكر كثيراً ..

وهي تضع يدها على وسطها ..

وهناك في الدولاب ..

تناثرت قطع الملابس المختلفة ..

وتظهر من بعضها قطع ورقية ..

تدل على أنها لم تستخدم ولا مرة ..

ولكنها في النهاية وقع اختيارها على البنطلون الذي اشترته من دبنهامز ..
بمبي اللون .. عليه بعض النقوش ..
وسلسلة في الوسط ..

وأيضاً القميص الوردي .. مكشوف الكتفين .. الذي كان مرسوماً عليه أرنوبة توني تون ..

ولكنها أحست به غير لائق في المستشفى ..

ولكنها كانت ستلبس البالطو على كل حال ..

وبعد صراع فكري ..

بين رغبة دفينة بدأت تظهر مؤخراً بشكل ملحوظ في نزعة أنثوية ..

وبين شخصيتها الحقيقية ..

ولكنها قالت :

دائماً أعمل ما هو مفروض ..

لم لا أعمل ما أريد هذه المرة ؟!

وفعلاً ..

لبست .. ما جعلها في قمة البراءة والأنوثة ..

وخرجت من غرفتها ..

بعد أن ارتدت ساعتها الفضية اللون الرقيقة ..
والبالطوا اللامع الأبيض في مهابة وأناقة ..

ونظارتها الطبية ..

كحلية البرواز ..

حتى تناسب عيناها الزرقاوان ..

وقبل أن تطفئ أنوار الغرفة ..

لمحت الدب يقف متفرجاً على طاولتها ..
وهو يحتضن القلب الجميل ..
بقبعته الناعمة ..

تأملت فيه قليلاً ..

وطارت بها الأفكار بعيداً جداً ..

ولكنها أقفلت الضوء ..

ومشت ..

ولكن عقلها لم يتوقف عن التفكير ..

وصلت إلى المستشفى ..

دخلت ..

ووضعت البطاقة على صدرها ..

ولكنها بعد خطوات قليلة ..

توقفت ..

أحست باحتقان رهيب في وجهها ..

كانت ندى هناك تقف مع فراس ..

وهما يتحدثان ..

وفي عيني ندى نظرة جذلة ..

تضحك .. وهي تدخل بعضاً من خصل شعرها في حجابها البرتقالي ..

وبينما يدها الثانية تمسك بعض التقارير وتحضنها ..

أما فراس ..

كان متكأً على الركن البعيد من طاولة الريسبشن ..

وهو يتكلم ..


أحاسيس مختلطة ..

كانت تمر بهمسة ..

ولا تدري ما تفكر ..

أحست بغضب شديد ..

وفي نفس الوقت حيرة ..

تجاهلتهما ..

وسارت نحو غرفتها ..

ولكن فراس لاحظها في الثانية الأخيرة ..

تابعها ببصره للحظات ..

وندى تتكلم معه بانفعال واضح رغم أنها تحاول ان تخفيه ..

فقال لها بلباقة منهياً حواره وإياها : المعذرة دكتورة ندى ..
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:50

تكملة الجزء الثامن


لدي بعض الأمور المهمة ..

وذهب ليلحق وراء همسة ..

وتجاهل ندى ..

التي نظرت فيه من بعيد ..

وعرفت أنه يلحق وراء همسة .. بعد أن عرفتها من طرحتها السماوية ..

نظرت في قهر وقالت : ما الذي أتى بكِ الآن ؟

"همسة .. دكتورة همسة "

تجاهلت همسة نداءات فراس ..

ودخلت غرفتها ..

ولكن فراس دخل ورائها ..

نظرت فيه وهي تتصنع أنها لم تره وقالت :

أي خدمة ؟

فقال لها :

احم .. كيف حالك ؟

فقالت وهي تبحث في أوراقها عن أي شيء : الحمد لله ..

صمت فراس قليلاً .. وأحس أنه ضيف غير مرغوب به ..

ولكنه في نفس الوقت شعَر أنه يريد أن يبرر موقفه أمام همسة فقال :

لقد سألت الدكتورة ندى عنك ..

فجلست تتكلم معي ..

ثم ابتسم وقال :

أخبرتني أنك أنت التي أخذت ورقة الأسئلة بعد نهاية الاختبار ليستفيد منها طلاب السنة القادمة ..

كانت لا تزال مستمرة في بحثها ..

أما فراس .. فقد اغتاظ بحق ..

وأحس بأنه يتعطفها في حين أنه لم يخطأ ..

فقال وهو يغادر : أراك لاحقاً يا دكتورة ..

" فراس .."

نظر فراس إلى همسة التي نطقت باسمه دونما ألقاب ..
كانت قد ضعت كوعيها على المكتب .. وأمسكت رأسها وظلت تحدق في سطح المكتب برهة ثم نظرت إليه .. وقالت : المعذرة ..

أعصابي مرهقة قليلاً ..

I am sorry of being rude.

قال فراس بعد فترة من الصمت : هل هناك ما أستطيع أن أقدمه ؟

فقالت همسة وهي تومئ بالنفي :

لا .. فقط أحتاج إلى بعض الوقت وحدي حتى أهدأ ..

ابتسم لها فراس ابتسامة جذابة ..

لم تجد همسة بداً من أن تبتسم لها ..

وصغرت عيناها .. فبدت أجمل كثيراً ..

فقال فراس وهو يمشي مغادراً : سبحان الله ..

ابتسمت همسة في خجل ..

جلست تحادث نفسها :

"همسة .. لا بد لك أن تحددي ..

فراس .. أم ..

أم من ؟

وجدت عقلها يتوقف عندما وصلت إلى بشار ..

بشار ؟!

أيعقل أني أحب بشار ؟

لا غير ممكن ..

كيف أحب شخصاً ..

يستعذب مضايقتي ..

كيف أحب شخصاً ..

قد يموت ..... "

عندما وصلت إلى هذه الكلمة ..

انقبض قلبها بقوة ..

حتى أحست أنه يُعتصر ..

"لا .. لا أريده أن يموت ..

بشار يموت ..

لا مستحيل ..

إذا فأنا .........

لا .. غير ممكن .. "

أخذت تفكر بعمق شديد ..

حتى أنها أغمضت عيناها بقوة ..

وأخذت تمسك رأسها ..

مرت عليها لحظة سكون ..

ثم فتحتها ..

وجدت ندى أمامها ..

بقامتها القصيرة ..

ووجهها السهل الملامح ..

ابتسمت ابتسامة صفراء وقالت : لقد أضاءت المستشفى ..

افتقدناك اليومين الماضيين ..

نظرت فيها همسة بقوة وبنظرات نافذة .. ثم قالت :

كيف تجرؤين ...

قاطعتها ندى وهي تقول : همسة ..

إنك إلى ذلك اليوم لم تكوني واثقة من شعورك ..

قلتي لي .. لا أعرف .. دعيني أفكر ..

همسة .. إن لم تكوني تريدينه ..

فدعيه لي ..

نظرت فيها همسة بدهشة وقالت :

إن لم أكن أريده .. أدعه لك ؟

لست أفهم ..

كأنما أنت تتحدثين عن سيارة .. أو طريدة ..

قالت ندى : همسة .. لم تأخذين الأمور على هذا المحمل ؟

شخص .. يعجبك .. ولكنه ليس الإنسان الذي ترين فيه المواصفات الكاملة ..

دعيه لي ..

قالت همسة بلهجة حادة : ندى .. أأنت جادة فيما تقولين ؟؟؟

قالت ندى : والله جادة ..

فقالت همسة وهي غير مصدقة : الحمد لله على نعمة العقل ..

المهم أنه رجل وهذا يكفي ؟

لا أعرف ماذا تريدين منه !

هل تريدين أن يتزوجك ؟

هل تريدين أن تصادقيه ؟

ماذا تريدي منه بالتحديد ..

فقالت ندى : دعيك مني .. سأفكر فيما بعد ..

ولكن أهم شيء أنك لا تريديه صحيح ؟

قالت همسة حتى تنهي هذا الحوار السخيف :

لا .. لا أريده .. حلال عليك ..

ابتسمت ندى بفرح .. وخرجت من الغرفة ..

أما همسة فجلست تقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ..

رجعت ندى مرة ثانية .. وعلى الرغم من أنها سمعت همسة .. ولكنها تجاهلتها .. وقالت :

نسيت أن أخبرك سبب مجيئي ..

الدكتور علي يريد رؤيتك ..

"سوف تنتقل حالة المريض في غرفة 246 إلى الدكتور أسامة آصف "..

نظرت همسة إلى الدكتور علي وهمت بأن تقول شيئاً .. ولكن الدكتور علي قال :

هناك حالات أخرى ..

أنا مهتم بأن تتعلمي منها بعض التقنيات المستخدمة ..

وعلى الرغم من أني غير مقتنع بعملك في اليومين الأخيرة ..

إلا أن التقرير الذي كتبته المرة الماضية

كان رائعاً ومفصلاً ..

أريد أن أرى الدكتورة همسة التي كانت في السابق ..

كان الدكتور علي .. طبيباً بمعنى ما تعنيه الكلمة من معنى ..

أهم شيء في حياته العمل ..

تستطيع أن تضمن أنه سيبذل ما في وسعه من أجل حياتك ..

وأنه سوف يعمل بكل أمانة ..

وعلى الرغم من صرخة حبيسة في صدر همسة إلا أنها تظاهرت بلا شيء ..

وتقبلت الأمر وسلمت به ..

الساعة .. تمر واحدة تلو الأخرى ..

همسة استلمت في يديها حوالي 4 حالات جديدة ..

كلها اشتباه أورام سرطانية ..

عملت جهدها ..

بل أوغلت نفسها في العمل حتى لا تفكر ..

إلا أنها كانت كثيراً ما يأخذها قلبها إلى أماكن كثيرة ..

ويأخذها عقلها .. وتتذكر قصة مايا وبشار ..

ترى ما الذي حصل لها ..

إن كانت حية فأين هي الآن ؟

كانت في غرفتها وهي تفكر هذه الأفكار ..

فتحت درجها لتأخذ منه قلماً لتوقع به على تقارير نهاية اليوم ..

وجدت وردة حمراء كعادتها ..

في رقتها ..

وفي جمالها ..

أمسكتها ..

وأخذت تداعب وريقاتها ..

وتمرر أصابعها الناعمة عليها ..

خرجت همسة من غرفتها ..

كانت الساعة السابعة مساءً ..

دوام الطبيب ..

غير مرهون بوقت معين ..

خصوصاً إذ ما كان طبيباً يريد أن يتعلم ..

قد يبيت في المستشفى لأيام متواصلة ..

ويمضي في التعلم ما يقارب 16 ساعة في اليوم ..

وربما أكثر ..

وهو أمر قد لا يصدقه البعض ولكنه حقيقة ..

وبينما هي تمشي ..

مرت بغرفة بشار ..

فكرت قليلاً ..

أأدخل ؟ أم ؟

ولكنه كان البارحة فظاً ..

حسناً ..

سأدخل فقط للحظات .. لأطمأن عليه ..

لقد كان مريضي ..

دخلت همسة عليه بعد أن طرقت الباب ..

وعندما شاهدها قال : أهلا همسة ..

أين كنت ؟

لقد قلت بأنها كرهتني ..

ههههههههههههه

ابتسمت همسة بهدوء ..

فقال :

أم لأن الدكتور أسامة قد تولى حالتي ؟

نظرت له وقالت : هل تعرف عن هذا ؟

قال لها متجاهلا سؤالها :

ماذا قال لك رئيس الوحدة ..
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:51

تكملة الجزء الثامن



أظنه الدكتور علي صحيح ؟

لقد قابلته مرة ..

قالت : قال لأنه يريد أن يطلعني عن حالات أخرى حتى أستفيد منها ..

ضحك بشار .. ثم قال : أنا أفضل حالة سوف تستفيدين منها .. صدقيني ..

قالت له : كيف ؟

قال لها : سترين قريباً ..

المهم ..
ثم نظر لها بتخابث وقال :
ألا تريدين أن أكمل لك القصة؟


نظرت فيه همسة وأظهرت لا مبالاتها وهي تقول :

عادي ..

فقال بشار وهو يضحك : تعجبني ثقتك بنفسك ..

ولكن يعجبني أكثر .. دلالك كأنثى ..

أحست همسة أن الدماء تندفع في أوداجها ..

حاولت أن تتدارك نفسها وهي تقول مغيرة للموضوع :

لقد أنهيت دوامي ..

وكنت ذاهبة إلى المنزل ..

فقال بشار وكأنما لديه كل الحلول لكل المشاكل :

ألا ينفع أن تكوني هنا على أنك زائرة ..

أم الطبيبة ممنوع عليها الزيارة ؟!

فقالت : ولكن ..

فقال : أهم شيء .. أن تدعوني إلى ساندويتش مثل البارحة ..

ساندويتش دجاج بالمايونيز والجزر ..

لذيذ والله ..

ابتسمت همسة وقالت : على شرط ..

أن تخبرني كل شيء ..

حتى النهاية ..

نظر فيها بشار وضاقت حدقته وهو يقول :

هل أنت متأكدة؟

سوف تطول جلستنا ..

فقالت : مستعدة حتى الصباح ..

حتى لو اضطررت أن آخذ إجازة في الغد ..

فقال بشار وهو يرفع حاجبه :

يا الله إلى هذا الحد ..

فابتسمت همسة ..

فقال : إذا عليك بمؤنه كالبارحة .. حتى تكفي ..

وأيضاً لا تنسي سنكرس .. لأني أحبه كثيرااااااً..

ابتسمت همسة ..

جلست همسة .. وفي يديها ساندويتش ..

لم تستطع أن تتناول غدائها مع زحمة العمل اليوم ..

أما بشار .. وضع أمامه ساندويتشه وقال :

هل تريدين أن تسمعي أروع قصة حب ..

وأكثر لحظات الدنيا رومانسية ؟

قالت همسة : بالتأكيد ..

فقال لها : اسمعي إذا ..

وعاد بذاكرته إلى الوراء ..

"بشار .. بشار .. استيقظ .. "

استيقظ بشار على صوت ناعم أشبه بقيثارة تهمس له برفق ..

كان أول ما وقعت عليه عيناه وجه مايا الجميل المحيا ..

كانت واقفة فوقه ..

والفانوس الباهت ينبعث من وراء رأسها ..

كنت شفتيها كحبة كرز كبيرة .. تنتظر أن يقطفها أحد ما ..

وكانت نضارتها تبعث الندى في الروح المتيبسة ..

ابتسمت في وجه بشار وقالت :

صلاة الصبح .. أليس كذلك ؟

نهض بشار من مكانه وجلس في فراشه الأرضي ..

ثم تطلع لها ..

كانت ناعمة بحق ..

في لباسها الناعم والبسيط ..

ثوب من الستان المزين ببعض النقوش اليابانية الرفيعة ..

كانت تجلس وتضع يديها على فخذيها ..

أخذ بشار يتأمل في هذا الجمال لحظة ..

ثم قال لمايا : آسف جعلتك توقظينني في هذه الساعة ..

فقالت وهي تومئ :

لا عليك ..

لقد بقيت أتأملك قليلاً ..

نظر لها بشار ..

فاحمرت وجناتها .. بروعة ..

وأصبحت أكثر جمالاً ..

قام بشار وتوضأ ..

ثم قام وصلى ..

ودعا الله في سجوده كثيراً ..

وعندما انتهى من صلاته ..

كانت مايا جالسة تتأمله ..

قالت : جميلة هي صلاتكم ..

ماذا تقولون فيها ؟

قال بشار : نقرأ فيها القرآن ..

قالت : وما هو القرآن ..

قال : كلام الله .. أنزله من فوق سبع سماوات ..

صمتت همسة قليلاً ثم قالت :

مثل ماذا ؟

قال : أتريدين أن أقرأ قليلاً ؟

قالت وهي مبتسمة برقة بالغة :

بالتأكيد ..

قال : حسناً ..

وأخذ يفكر فيما يقرأ لها ..

أخذ يفكر من بين الآيات ..

حتى جاءت في باله آيات من سورة الرحمن ..

فأخذ يرتل بصوت عذب جميل وهو يقول :

للاستماع

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

( الرحمن .. علم القرآن .. خلق الإنسان علمه البيان .. الشمس والقمر بحسبان .. والنجم والشجر يسجدان .. والسماء رفعها ووضع الميزان .. ألا تطغوا في الميزان .. وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان .. والأرض وضعها للأنام .. فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام .. والحب ذو العصف والريحان .. فبأي آلاء ربكما تكذبان )

صمت بشار .. وفتح عينيه ..

وجد مايا وهي متأثرة ..

نظر لها فقالت : ما هذا الكلام ؟

قال لها : هذا كلام الله ..

قالت : ماذا يعني ؟

قالت : إنه يتحدث عن نفسه بأنه الإله الرحمن .. يرحم جميع الناس .. وأنه علم القرآن الذي هو كتابه ..

فقاطعته همسة وهي تقول :

كان جميلاً جداً ..

أحسست براحة كبيرة ..

لا أدري من أين ..

أحسست أن الكلمات تدخل روحي فتحملني إلى هنالك البعيد ..

على الرغم من أني لم أفهم شيئاً ..

أكاد أقسم على هذا ..

ابتسم بشار وقال : هذا لا يدهشني ..

إنه كلام الله ..

نهضت مايا وهي تنظر في ساعتها وقالت :

مر الوقت سريعاً ..

لا بد أن أذهب لأوقظ أبي ..

فقال بشار : إلى أين سيذهب ..

نظرت فيه وهي تمشي باتجاه الباب وقالت : إلى الحقل ..

إننا نزرع القمح ..

وخرجت ..

وبعد ربع ساعة ..

كان ضوء الشمس قد آذن بالدخول ..

وبدأ يغمر الدنيا بشيء من التجديد ..

إحساس جميل ذلك الذي ينتابك في الصباح ..

تحس أنه ينفض الكسل عنك في روعة ..

وصوت العصافير وهي تقف فوق شجرة التفاح وتغني ..

إحساس بهيج لطبيعة سبحان الذي أبدعها ..

كان ساندو ووالد مايا كلهم قد استيقظوا ..

وحملوا أغراضهم .. متجهين إلى الحقل ..

وبعد قليل ..

ارتدت مايا ملابس رثة قليلاً ..

وجاءت إلى والدها .. فقال :

حبيبيتي لا .. ابقي أنت هنا ..

فقالت مايا : أنسيت يا أبي أني تربيت في هذا البيت ؟

صحيح أني كنت في المدينة لفترة ..

ولكني ابنة هذه القرية الصغيرة ..

ضحك الأب وهو يلوك في فمه عوداً طويلاً ..

نظر لساندو الذي ابتسم أيضاً هو الآخر ..

وهموا بالذهاب ..

ولكن بشار وقف وقال : لحظة ..

لن تتركوني وحدي أنا هنا ..

فقال الأب وهو يرقبه بنظرات غريبة :

وماذا تعرف أنت في أعمال الحقل ؟

قال بشار بابتسامة : سأريك ما أعرف ..

خرجت الأم من المنزل وهي تحمل في يديها أربع ربطات ..

في كل منها علبة غداء ..

وقالت : بالسلامة .. ووقفت عند الباب حتى تودعهم ..

وكأنما نغمة يابانية شهيرة جداً ..

في قمة الجمال تعزف لحنها ..

كان الحقل بعيداً بحوالي نصف ساعة من المشي في وسط الغابة البديعة ..

كان بشار .. يحس أنه في عالم خيالي ..

ويحس بمتعة لا يحس بها كثيراً والد مايا ولا أخوها ..

أما مايا فأخذت تنظر في الأشجار وكأنها تسترجع الماضي ..

شاهد بشار زهور الكاميليا ..

فأخذ بعضاً منها ..

ثم جاء عند مايا وقال لها لحظة :

ثم وضع زهرة على أذنها ..

كانت فاتنة عليها ..

ابتسمت مايا في حياء ..

ونظر الأب نظرة شزراء لبشار ولكنه تظاهر بعد الاهتمام ..

وصلوا إلى الحقل ..

كان صغيراً ..

وبدأ أونيزكا بالعمل هو وابنه ..

( أونيزكا هو اسم والد مايا )

أما مايا ..

فأخذت سلة من الخوص ..

وراحت تنثر الحبوب بيديها ..

أخذ بشار يتأملها وهو يكاد يتيه فيها جمالاً ..

بزهرة الكاميليا فوق رأسها ..

والابتسامة التي ما تفارق وجهها ..

وكأنما تنثر السحر فوق الأرض ..

وكأنما هي حين تدوس الأرض بقدميها في الطين ..

تصبح الأرض من تحتها تبرا مطحوناً ..

والشمس تشرق من عندها .. كأنما تنير العالم بضياء روحها ..

"باشاااااااااار "

نظر بشار إلى أونيزكا الذي كان ينظر إليه ويضع يده في وسطه .. وبساعده الآخر بمسح عرقة وهو يقول : أرني ماذا تعرف ..

فقال بشار : بالتأكيد ..

ثم ذهب إلى ساندو وأخذ منه المعول ..

ورفع يده عاليا كما يفعل أونيزكا ..

وألقى به في الأرض ..

ولكنه لم يحسب توازنه ..

فسقط على الأرض ..

فضحك عليه أونيزكا ..

وضحكت مايا وهي تخفي ضحكتها بيديها الجميلتين ..

حتى بشار ضحك على نفسه ..

لم يكن بشار يعرف شيئاً عن الزراعة ..

ولكنه كان يريد أن يكون بجوار مايا ..

وعندما اشتد الحر ..

قال أونيزكا لمايا :

ما رأيك أن تذهبي إلى المنزل ؟

لقد اشتدت الشمس .. لم يبق الكثير من العمل هنا ..

اذهبي مع هذا الذي لا يعرف شيئاً ..

وضحك بسخرية ..

فقال بشار وهو يرد عليه : بلى أجيد الحصاد ..

فقال الأب وهو يمزح : سنخسر الأرض كلها لو عملت فيها ..

كان الأب قد بدأ يتعود على بشار ..

وكما قالت أم مايا : سوف ينسى ..

إنه إنسان على سجيته ..

إنسان الريف .. ما في قلبه على لسانه ..

بساطة .. دونما تعقيدات ..

بلانفاق أو حتى تملق ..

مشى بشار مع مايا ..

في الغابة ..

وهو يحس بنشوة بلا حدود ..

حتى وصلا منتصف الطريق

توقف وقال لها : مايا ..

نظرت فيه مايا مستفهمة ببراءة ..

قال لها :

أحبك ..

نظرت له مايا وحدقت فيه .. ثم خجلت .. وصارت تجري ..

وصار بشار يلاحقها ..

وهي تجري وتضحك ..

وصارت تختبئ خلف بعض الأشجار ..

وصار بشار يبحث ..

وعندما يجدها .. يلمسها بطرف إصبعه في أنفها ويقول لها : وجدتك ..

وهي تختبئ من جديد ..

إن أجمل الألعاب ..

هي تلك التي تمتليء بالطفولة ..

بالبراءة ..

بالطهر ..

وفي النهاية ..

أمسك يدها ..

وراح يسير معها ..

ثم نظر في عينيها ..

فأشاحت بوجهها ..

فمد يدها إلى شفتيه وقبلها ..

فسحبت يدها بسرعة في خجل ..

ووضعت طرف بنانها بين أسنانها ..

فابتسم بشار ..

وصلوا إلى المنزل .. وابتسامة عذبة تعلو المحيا ..

وبسمة صادقة من القلب تغمر الفؤاد ..

إحساس لم يحس بشار بمثله قبلاً

وقبل أن يدخلوا من بوابة المنزل ..

وقف بشار على طرف النهر ..

وأخذ يتأمل فيه ..

جاءت مايا وبقيت بجواره ثم قالت : فيم تفكر ؟

نظر لها بابتسامة خبيثة وقال في هذا : ثم سحب يدها وبقوة ..

تشششششششششششششششششش

سقطا في الماء ..

أخذت مايا تضحك ..

كان النهر ضحلاً ..

وكانت مياهه تصل إلى وسطيهما ..

وصار بشار يرشقها بالماء ..

وهي بيديها تبعد الماء البارد عنها ..

وصارا يجريان وراء بعضهما ..

حتى وصلت مايا إلى صخرة واختبأت خلفها ..

ثم توقف بشار وهو يتأملها ..

بلونها الأبيض النقي العذب ..

وكأنما هذا اللون يعكس روحها الطيبة ..

وكأنما هذا اللون يجعل منها ورقة بيضاء ..

لا تحمل خطوطاً سوداء ..

تحمل الصفاء والشفافية والعذوبة ..

وشعرها الأسود الفاحم الذي

التصق بوجهها وجبهتها ..

وصارت تزيحه بيديها لتضعه وراء أذنها ..

وابتسامتها التي تحيي القلب اللئيم وتبعث الحب في أوصاله ..

وأصابعها التي من فرط نعومتها ..

يكاد يخشن منها الحرير ..

ويقسو في يدها الورد ..

تلك اللدانة في يديها .. التي ما إن مست الصخر حتى غاصت راحتها فيه ..

كم هي عذبة ..

إنه ليكاد يحس بأريج هالتها الناعمة ..

تجعل النهر سكراً .. وشراب ورد يروى الظمآنين ..

اقترب منها بشار ..

مد يده لها ..

فوضعت أصابعها في يديه ..

فأخذها ..

وصار يراقصها ..

ويدور معها بقوة ..

وهو يمسك يدها في قوة ..

حتى لا تفلت منه ..

وهي صارت تغمض يدها .. وتضحك وهي تصرخ ..

حتى سقطت في النهاية ..

فاحتضنها بشار ..

ونظر في عينيها ..

ولأول مرة بهذا القرب الشديد ..

وأحس أنه فيهما يسافر بعيداً ..

هناك ما وراء النجوم ..

ما بعد مجرة درب التبانة ..

أحس أنه وحده وهي في هذا الكون ..

كم هي عذبة ..

كم هي فاتنة ..

كم هي جميلة بحقققققققققق ..

وهنا أشاحت مايا بخجل ..

وأفلتت من بين يديه ..

ونهضت ..

وخرجت من النهر ..

وخرج وراءها بشار ..

ومرت أيام بعد أن بدأ بشار بالعلاج ..
حقنة كل يومين في الوريد ..


وكعادة مايا ..

كانت في حالة من نشوة الفؤاد ..

حين قرأ لها بشار القرآن ..

ولكنها ذات مرة قالت فجأة :

بشار ..

أريد أن أصبح مسلمة ..

نظر فيها بشار بدهشة كمن صب على رأسه دلواً من ماء مثلج ..

ولكنه قال لها في حذر :

هل .. أنت متأكدة ؟

فقالت : نعم ..

ابتسم بشار من قلبه ..

ورقص قلبه جذلاً ..

وقال : الحمد لله

فردت مايا وراءه بعد أن صارت تفهم بعضاً من التعابير الدينية : الهمد لله ..

ضحك بشار عليها ..

فضربت مايا بلطف ودلال وهي تقلب شفاهها .. بحركة طفولية بريئة ..

وبعدها بأسبوع ..

أسلمت عائلة السيد أونيزكا كلها ..

بعد أن اقتنعت بالإسلام ..

ولكن ليس كمايا ..

فأونيزكا وساندو أعجبهما ..

قدسية الصلاة ..

والرهبة التي كانا يحسانها حين كان يصلي بشار أمامهما ..

دين الإسلام ..

دين فطرة ..

يكفي أن يكون القلب صافياً حتى تعتنقه دون مشكلة ..

مضت أيام على إسلام العائلة ..

وبشار كل يوم يعلمهم شيئاً فشيئاً ..

والغريب أن بشار لم يحس بروعة الدين ..

إلا عندما بدأ يبحث فيه هو بنفسه ..

حتى يجيب على أسئلة ساندو أحياناً ..

وصار يقرأ كثيراً ..

حتى يستطيع أن يعلمهم ..

كان سعيداً بهذا الشيء في حياته ..

وفي كل مرة يحس أنه يرتقي نحو الله خطوة أخرى ..

كان يحس بفرحة لا حدود لها ..

إلى أن أتى ذلك اليوم ..

كان بشار قد توصل إلى قراره الأخير ..

عقد عزمه ..

وقرر ..

كان لابد أن يتخذ هذا القرار ..

كان الليل قد أرخى سدوله ..

وكانت مايا وأهلها على وشك النوم ..

ولكنه طرق الباب بلطف ..

دخل بشار ..

وجلس ..

ونظر في العائلة ..

التي ظلت تحدق فيه ..

وطال الصمت ..
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:52

نهاية الجزء الثامن



حتى بلغ 3 دقائق كاملة ..

قال ساندو : باشااار .. هل هناك شيء؟

جمع بشار أنفاسه ..

حدق في الجميع ..

أحس أن قلبه يكاد لا يحتمل ضرباته ..

جمع رباط جأشه من جديد وقال :

أريد أن أتقدم لأتزوج مايا ..

ونظر في مايا ..

التي علتها دهشة شديدة جداً ..

ثم أغمضت عيناها في ألم لوهلة صمت فيها الكل ..

وفي لحظة اهتزت عينها ..

وتلألأ على خط رموشها بريق خفيف ..

وسالت منها دمعة بلورية خالصة ..

مسحتها بسرعة ..

ثم جرت بسرعة وخرجت من الباب ..


نعم ..
ذلك الذي كنتم تخافون منه سيحصل ..
سأتوقف هنا ..
ترى ما الذي حصل بعد ذلك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:52

الجزء التاسع



حدق الجميع في دهشة إلى مايا التي خرجت من الغرفة ..

ودموعها سلسال على خدها ..

وخيم على الجميع صمت لثواني ..

ثم قام بشار ..

ونظرات الكل تراقبه في صمت ..

خرج من الغرفة ..

وجد مايا بجوار شجرة التفاح ..

وخلف ظهرها ينساب شعرها .. ويتطاير مع لمسة الريح ..

كان الليل في حلكته ..

والقمر بادياً وقد اقترب من كماله ..

يشع كألف ألف مصباح ..

في مهابة وعظم ..

حتى لكأنه يغطى ربع الأفق ..

اقترب بهدوء من مايا ..

وضع يده على كتفها ..

التفتت له ..

كانت عيناها تقطر دمعاً ..

ووجها قد احمر ..

ابتسم لها ..

فأسندت جنبها إلى الشجرة ..

ثم نظرت في الأرض .. وقالت :

لا شيء في هذه الدنيا يسعدني يا بشار ..

أكثر من أن أتزوجك ..

ولكني لا أقدر ..

أحس بشار في قلبه بالهم ..

قال :

لماذا يا مايا ؟

قالت وهي تسحب أنفاسها المتهدجة :

بشار .. إنها أيام وأموت ..

نظر لها في ألم وقال :

ومن قال بأنك ستموتين يا حبيبيتي ؟

قالت : بشار ..

لم أكن أود أن أقول لك هذا ..

ولكن ..

ثم اختلط صوتها بالدموع ولم تستطع أن تكمل ..

فقال لها :

ولكن ماذا ؟

صمتت للحظات ثم جمعت أنفاسها وقالت :

لقد قابلني الدكتور ميان ..

في نفس اليوم الذي أخبرتني عن الدواء الجديد .. بعدما ذهبت ..

وقال لي .. بأن هذا العلاج ..

ناقص .. عقار غير مكتمل ..

لا ينفع في وقته الراهن في علاج الناس ..

يحتاج على الأقل إلى ثلاث سنوات أخرى من الأبحاث ..


بشار لم يصدق ما يسمع :

ميان .. العقار غير مكتمل !

ما الذي تقوله مايا ؟!

أحس أن في عقله أفكاراً متضاربة ..

فقال لها وهو يحاول أن يربط المواضيع ببعضها:

إذن كيف قبلت بأن أعالجك ؟

نظرت له وقالت بدموع :

ألا تفهم ..

إني أحبك ..

ثم صارت تبكي ..

وسقطت في أحضان بشار ..

وأخذ جسدها يهتز وهي تشهق ..

ووقف بشار مدهوشاً مذهولاً ..

لا يعرف كيف يتصرف ..

إلا أنه جمعها في صدره ..

فصارت تقول .. بصوت متقطع من وسط البكاء:

لا أستطيع أن أجعلك تفقد الثقة في نفسك ..

كنت أحس الرغبة في عينيك في إنقاذي ..

لم أستطع أن أمنعك ..

حتى لو كان الثمن حياتي ..

على الأقل سأموت في يد إنسان أحبه ..

بشار لم يتحمل:

لقد ضحت مايا بحياتها ..

وجعلت نفسها دمية للتجارب ..

من أجل غروري ..

من أجل نزواتي ..

صارت دموع من عينيه تمضي في طريقها ..

وتصنع جدولاً .. انصب على رأس مايا ..

رفعت مايا رأسها ورأت الدموع في عينيه ..

فظهر على محياها الطيب الألم وهي تقول :

أرجوك يا بشار لا تبكي ..

أرجوك من أجلي ..

ثم صارت تمسح دموعه من تحت جفنيه ..

ولكن دموع بشار كانت تتساقط دونما صوت ..

أحس أنه لا يستطيع أن يتكلم كلمة واحدة ..

أحس في حلقه غصة كبيرة ..

كلما مسحت مايا دمعة .. نزلت أخرى ..

لم تعرف مايا ما تقول ..

إلا أنها ألقت برأسها في حضنه ..

أحس أنه لا يستطيع أن يقدم لها شيئاً ..

وأنه سيكون السبب في موت أغلى إنسانة في حياته ..

فلم يستطع إلا أن يزيد في احتضانها ..

تمنى لو استطاع أن يحميها من العالم كله ..

تمنى لو يكون السرطان به وليس بها ..

تمنى أن يموت ألف مرة على أن تموت هي بين يديه ..

وبعد لحظات ..

هدأت مايا ..

ثم نظرت في بشار ..

وقالت : إني موافقة ..

نظر بشار لها وكأنما لم يترجم صوتها في منطقة السمع لديه ..

وقبل أن يدرك ما سمعه لتوه من مايا ..

قالت هي :

على ثلاثة شروط ؟

توقف للحظة ..

حتى أدرك ما سمعه ثم قال :

ما هي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

قالت :

الأول : أن تستمر في علاجي وحتى آخر قطرة من الدواء .. فأنا أثق بك أكثر من أي شخص آخر في هذه الدنيا ..

فنظر لها وقد التصق حاجباه ببعضهما وقال :

لكني أظـ ..

قاطعته وقالت :

الثاني : بعد أن أشفى .. أريد أن أزور مكة ..

نظر لها وأحس بالدموع مرة أخرى تتجمع في عينيه ثم قال : والثالث ..

قالت : ألا تذرف دمعة واحدة مهما كانت الأسباب ..

حتى لو ....

قاطعها هذه المرة بشار وهو يحتضنها بقوة قائلاً :

لا تقوليها ..

ونزل ما تجمع في عينيه من دموع ..

أحست مايا أنه لم يقاوم دموعه .. ولكنها قالت :

هذا أول شرط تنقضه ..

فأبعدها بشار عن يديه وقال وهو يبتسم ماسحاً دموعه وسط عيون محمرة من ألم البكاء:

أعدك .. وعد شرف ..

لك ما تريدين ..

ابتسمت فيه .. وشعت بريقاً ..

عندما وصل بشار إلى هذه النقطة ..

ازدادت ضربات قلب همسة ..

ثم أحست أنها تسقط في بئر عميقة ..

ثم قالت بصوت مكتوم أشبه ما يكون بالفحيح :

وهل .. تزوجتها ؟

نظر فيها وقال : ماذا تقولين ؟

لم أسمعك .. كأنما صوتك .. صوت دراكولا ..

تنحنحت همسة وكحت ..

ثم قالت مظاهرة عدم الاهتمام ..

وقلبها يكاد من شدة ضرباته ..

أن يمزق بالطو المستشفى : هل تزوجتها ؟
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:55

تكملة الجزء التاسع


نظر لها وابتسم وقال :

نعم

فهوى قلب همسة في الأرض ..

وأحست أنها يكاد يغمى عليها ..

ولكن بشار تابع وكأنما لم ينتبه لتغير لون همسة الظاهر :

كانت تلك الليلة .. واحدة من أرو..

قاطعته همسة وهي تقول :

لا تبدأ في الوصف ..

ما الذي حدث بعد الزواج ؟

صمت بشار وهو يتطلع فيها ثم قال :

صدقيني إنك لم تسمعي عن الزواج الياباني ..

إنه رائع ..

لقد كان هناك تنين راقص ..

وأشعلوا المشاعل ...

قاطعته همسة بعصبية وهي تقول :

أوووه ..

قلت لك لا أحب ما يتعلق بهذه الأمور ..

صمت بشار لبرهة .. وأحس في قلبه بألم لتجاهلها لأمر يعنيه كثيراً..

فقال : حسناً ..

ثم صمت قليلاً وهو يحس بحرقة قي الصدر ..

انتبهت همسة لما فعلت..

فقالت :

آسفة .. لم أكن أقصد ..

فقال بشار وهو يتنهد : لا عليك ..

لم تعرف همسة كيف تتصرف ..

فقالت محاولة أن تغير مجرى الحديث :

أأحضر لك كوباً من الماء ؟

فقال لها : أجل لو سمحتي ..

خرجت همسة .. وقالت في نفسها :

سحقاً .. كنت غبية ..

وبينما هي تمشي حتى تصل إلى ذلك البراد الحديدي ..

كانت تفكر في نفسها : إذن هو متزوج !

أحست بخيبة أمل كبيرة ..

وأحست بأنها بَنت بعض الأحلام والآمال في غير محلها ..

لم تستطع أن تطيل في أفكارها كثيراً ..

فقد كانت تدخل غرفة بشار ..

وعندما شاهدها قال لها بابتسامة ساخرة :

أنا لا أعلم ..

لم لا تغيري النظارة؟

كم مرة قلت لك أنها لا تليق بك ..

تلك النظارة أم خمسة ريال ..

ابتسمت همسة في نفسها :

نعم .. لقد احتاج بشار إلى هذه الدقائق حتى يتعافى من إحساس جرحٍ في الصميم ..

فقالت وكأنما صارت تجاريه في هذا الأمر :

اشتري لي واحدة إذاً .. لا أملك المال الكافي ..

ضحك بشار وقال : عجيب والله ..

متى تعلمت الرد ؟

فقالت : إنها بركاتك يا معلمي ..

ابتسم بشار لوهلة .. وتطلع فيها ..

ولثانيتين ..

نظرت له همسة ..

وصارت تبحر في عينيه ..

صارت تسافر هنالك في البعيد ..

أبعد من مجرتها ..

ولكنها أشاحت في اللحظة الأخيرة ..

وتظاهرت أنها تبحث عن قارورة العصير الذي كانت تشربه ثم قال وهي تغمض عينيها الزرقاوين وتفتحها :

ماذا حدث في علاجها ؟

توقفت نظرة بشار .. ثم بدأ يكمل حديثه :

أصبحت مهمة بشار أكثر صعوبة ..

وصار أكثر اهتماماً ..

لم يكن لديه أي وقت لغير العمل ..

العمل وفقط ..

لأجل من يحب ..

سيصنع الأعاجيب ..

كان يقرأ في كتبه كثيراً ..

بل نزل إلى طوكيو وأوساكا أكثر من مرة حتى يشتري بعض الكتب الباهظة الثمن للغاية ..

وصار يقرأ كثيراً ..

حتى أن مايا قالت له مرة :

ألا تريد أن تجلس لتتكلم معي ؟

مضى يوم كامل لم نتحادث فيه إلا وقت الغداء ..

الذي تأكله أنت على عجل ..

احتضنها بين يديه وقال : سامحيني يا حبيبيتي ..

كل هذا والله من أجلك ..

ابتسمت مايا وهي تقول :

كم أتمنى أن أبقى في هذا الحضن إلى نهاية الدنيا ..

قبل رأسها في حنان وقال :

إن شاء الله ..

نظرت فيه مايا وهي تبتسم وقال بلغة عربية ركيكة :

ربنا يوفكااك ..

ضحك بشار من قلبه ..

فنظرت فيه بغضب طفولي وقال:

لا تسخر مني ..

فاستمر بشار في الضحك ..

حتى صارت مايا تضحك بطيبة ..

ومر شهرين ..

ولكن حالة مايا بدأت تتدهور ..

وأحس بشار بالقلق ..

أحس أن هناك مشكلة ..

ضاعف وقت عمله ..

وصار لا ينام كثيراً ..

وذات يوم رمى القلم على الأوراق وتنهد .. وقال :

ما هذا الصداع ؟

ثم زفر بقوة كأنما يريد أن يخرج الدنيا من عليه ..

ثم خرج من الغرفة إلى الغرفة المجاورة ..

كانت مايا تنام هناك ..

وكانت أمها بجوارها ..

وهي تضع الكمادات على رأسها ..

وكانت مايا بعد الزواج قد مهدت لأهلها بمرضها .. بالتدريج ..
حتى عرفوا أنها مصابة بالسرطان ..
وأن بشار هنا لعلاجها منه ..

كانت حرارتها مرتفعة ..

فقال بشار : كيف حالها الآن ؟

التفتت له الأم وقالت وهي تحس بالحزن :

لم تتغير يا بني ..

ثم قالت وهي تستعطفه : لم لا تنقلها إلى المستشفى ؟

نظر لها بتردد ..

أحس أنه من الواجب ألا يستمر في لعبة المكابرة هذه ..

العقار يبدو أنه فاشل !

أحس أنه يريد أن يمزق نفسه ..

ولكنه سمع صوت مايا تقول في وهن :

لا يا بشار ..

لن يعالجني غيرك ..

أنت وعدتني ..

لا بد أن توفي بوعدك ..

اقترب بشار منها ..

وصار يربت على شعرها الناعم ..

ويمرر يديه على جبينها المحموم ..

وهو يقول : ولكن يا مايا العـ ..

قاطعته وهي تكح .. ثم قالت : أنت وعدتني ..

أرجوك .. لا تخلف في وعدك ..

احتضن بشار يدها .. ثم قبلها وقال :

لا عليك يا حبيبتي .. سأنقذك ..

" الدكتور ميان لو سمحت "

كان بشار يتحدث من كبينة تبعد عن منزل مايا نصف ساعة ..

أخذ ينتظر وهو يطالع السيارات التي تمر في الطريق ..

" ميان يتكلم "

أحس بشار بالتوتر ولكنه قال :

أنا بشار يا دكتور ..

فقال ميان بصوت متهلل :

بشار .. أين أنت ؟

انتهت إجازتك ..

ولكنك لم تأتي .. أين أنت ؟

تجاهل بشار كلامه وقال :

دكتور أنا بحاجتك جداً ..

أرجوك ..

صمت ميان قليلاً ثم قال :

أخبرني ما الذي حصل ؟

قال بشار : لا ينفع في التلفون .. أرجوك ..

أتوسل إليك ..

صمت ميان قليلاً ثم قال :

أين أنت الآن ؟

أخذ ميان يطالع في الميكروسكوب الذي وضعت فيه عينة من كبد مايا ..

أطال النظر قليلاً ..

ثم قال بعد أن تنهد :

مثلما توقعت تماماً ..

توقف الجين Gp53 عن العمل بعد أسبوع ..

وعاد كل شيء إلى ما هو عليه ..

كان بشار يقف خلفه ..

في الغرفة الصغيرة التي كان بشار يعمل فيها ..

ثم قال :

كنت تعرف أن العقار غير مكتمل ..

لم لم تقل لي ؟

نظر فيه ميان وقال :

بشار .. الحماسة اللي كانت لديك مذهلة ..

لم أستطع أن أقتلها بأن أقول لك مثل هذه المعلومة ..

لقد منعتك من تجربة الدواء على مايا ..

وقلت بأني لن أساعدك ..

ولكنك لم تكن تسمع ..

حاولت أن أتحدث معك في صباح اليوم التالي ..

ولكنك كنت قد ذهبت ..

اتصلت بك كثيراً في شقتك ..

ولكنك لم ترد ..

العقار يحتاج إلى الكثير من العمل والتطوير ..

بهذه الحالة ..

للأسف لا يمكنه عمل الكثير ..

بدأت قطرات العرق تنزل على وجه بشار ..

وهو يشعر أن أطرافه قد تجمدت من هول ما سمع ..

فقال له وهو يشعر بتوتر لا حدود له :

والعمل؟

نظر فيه ميان وهو يشرب آخر رشفة من كوب الشاي متهيئاً للخروج.. ثم قال :

لا بد أن ننقل مايا فوراً إلى المستشفى ..

خرج ميان ..

وبشار في حالة لا يعلم بها إلا الله ..

جلس حوالي ساعة كاملة ..

وهو لا يكاد يسمع من الدنيا إلا صوت عقله .. الذي صار أعلى من كل الأصداء ..

أصوات لنقاش شديد ..

وأصوات تلومه بغلظة ..

وأصوات أخرى تقتله ألماً ..

وصوت مايا وهي تقول :

ألا تفهم ..

إني أحبك ..
كلها كانت تتفجر في رأسه ..

وفي النهاية ..

استلقى بشار على بطنه ..

ووضع رأسه بين يديه ..

وازدادت أنفاسه صعوبة ..

وبدأت حبات العرق من جديد تغمر وجهه ..

وأحس برأسه أثقل من العادة ..

ولم يدرك بنفسه إلا وقد نام من شدة الإعياء والتعب ..

" بشار .. بشار .. قم .. الصلاة "

فتح بشار عينيه ..

وجد شخصاً قد اتشح بالسواد ..

فقام فزعاً .. وارتمى بعيداً ..

كشف صاحب الغطاء عن وجهه ..

فظهرت مايا وقال بجزع :

آسفة يا بشار .. لم أكن أقصد ..

نظر لها بشار للحظات ثم قال :

ماذا تفعلين ؟

فقالت مايا وهي تبتسم في خجل :

أليس هذا هو الحجاب الإسلامي ؟

ثم لبست ما يشبه الطرحة

نظر لها بشار في استغراب ..

وتأمل لباسها ..

كانت ثوباً يابانياً فضفاضاً أسود اللون ..

وربطته من وسطها بحزام أبيض عريض من القماش ..

وعلى وجهها قطعة قماش كبيرة سوداء.. غير مرتبة ..

فقط لتغطي وجهها ..

كما لو كان طرحة ..

كانت محاولة فاشلة لعمل حجاب إسلامي بشروطه ..

ابتسم بشار وقال :

من قال لك بأنه بهذا الشكل؟

قالت في حماس :

لقد قرأته في الكتاب الذي جَلبته لي من السفارة السعودية ..

فقال لها: إذا فقط وصلتي إلى فصل الحجاب ؟

قالت في حماس : نعم ..

تعلمت الكثير ..
ثم راحت تعد على أصابعها :

أحفظ أركان الإسلام كلها ..

وأعرف أيضاً الزكاة ..

وتعلمت أدعية رائعة ..

كان بشار يتأمل فيها ..

لأول مرة يجد شخصاً يستمتع مثل مايا في الدين ..

لم يتعود أن يفعل إنسان ما هذا ..

ربما لأنه هو وكل من يعرف من المسلمين ..

قد تربوا على هذا الدين ..

فلم يعرفوا أي معنى للظلام ..

ولكن هذه الإنسانة ..

عرفت كيف يسطع نور الحق في داخلها ..

ابتسم لها من القلب ..

قام وتوضأ ..

ثم صلى بها الفجر ..

وبعد أن انتهى من الصلاة ..

قالت : الله .. ما أجمل صوتك وأنت تقرأ القرآن ..

ابتسم بشار

ثم قال لها بعد لحظة من الصمت :

مايا .. لا بد أن تذهبي معي إلى المستشفى ..

نظرت مايا فيه وقالت :

لقد وعدتني ..

قال لها: مايا .. هذا أمر هام ..

يجب أن تُعالجي ..

نظرت فيه بحب وقالت : أتحبني يا بشار لهذا الحد ؟

نظر لها وأحس أنه يود أن يبكي ولكنه تماسك وقال :

بل أكثر مما تتخيلي .. أحبك ..

ابتسمت وقالت له :

بقدر ما تحبني ..

أنا أثق بك ..

بشار ..

لقد عشت معك أجمل لحظات عمري كلها ..

معك عرفت معنى الحياة ..

معك تعلمت الإسلام ..

معك عرفت الحب الصادق الطاهر ..

معك عرفت معنى الحياة ..

إني راضية بما قسمه الله لي ..

سوف أموت هنا أو هناك ..

أرجوك .. دعني أمت بسلام ..

ولا تجعلني أتعذب في علاج كيماوي ..

قد أعاني فيه سنوات من الألم ..

لأموت في النهاية ..

أرجوك ..

أتوسل إليك ..

لا أريد أن يعالجني أحد غيرك ..

فأنا لا أثق إلا بك ..

بشار ..

امتلأت عينيه بالدموع من جديد ..

أحس أنه لا يستطيع أن يمسك نفسه ..

سقطت دمعته كالبلورة ..

ولكنه مسحها بسرعة ..

شاهدته مايا ..

قبلت يديه في حنان بالغ ..

ثم قالت له : فلننم .. ففي الغد لديك الكثير من العمل ..

أومأ برأسه إيجاباً ..
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:56

بعد شهر من ذلك اليوم ..

كانت حالة مايا قد تدهورت كثيراً ..

وعلى ما يبدو أن الكبد قد توقف تماماً عن العمل ..

ولمن لا يعرف ..

فالكبد يقوم بأكثر من 100 وظيفة مختلفة في غاية الأهمية ..

ومن أهمها أنه مصفاة للسموم في الجسم ..

وصارت مايا في حالة سيئة للغاية ..

حاول بشار مراراً أن ينقلها للمستشفى ..

ولكنها لم توافق ..

وفي هذه الفترة كان أبوها وأمها وحتى أخوها ساندو ملازمين لها ما استطاعوا ..

على الرغم من أنهم كانوا أكثر تماسكاً من بشار ..

الذي كان في حالة من الإرهاق النفسي والبدني ..







إلى أن أتت تلك الليلة ..

تلك الليلة التي لن ينساها بشار ما حيي في هذه الدنيا ..

تلك الليلة ..

التي ما فتئ بشار يستيقظ وينام إلا ويتذكرها بكل تفاصيلها ..

كانت الساعة الحادية عشرة ليلاً ..

كان بشار بجوار مايا .. التي كانت هذه المرة في حالة خطرة للغاية ..

كان الكل جوارها ..

مشفق عليها ..

وهي تنام وفيها الحمى .. تأرق مضجعها ..

ولكنها قالت :

أبي أمي .. ساندو .. أرجوكم .. اذهبوا وناموا ..

في الغد لديكم عمل كثير ..

فقال أونيزكا : لا يا مايا .. لا يهم العمل .. ألا ترين نفسك ؟

فقالت مايا : بابا لا تقلق علي .. بشار موجود جواري ..

فقال ساندو : لا .. سوف نبقى جوارك حتى تعودين لنا كما كنت ..

فقالت مايا : ساندو عزيزي .. أرجوك .. خذ بابا وماما من هنا .. أرجوك ..

فقالت ساندو : لا .. لن أتحرك ..

قاطعته مايا وهي تقول بإلحاح:

أرجوك ساندو ..


احتقن وجه ساندو للحظات ..

ثم خرج وهو غاضب ..

وخرج والداها بعد ذلك ..

وأمسكت أم مايا بيد بشار وقالت له والدموع في عينيها : لا تتركها يا بشار أرجوك ..

فقال لها بشار وهو يربت على كتفها : لا تقلقي أبداً ..

خرجا ..

وبقيت مايا مع بشار ..

مدت مايا يدها لبشار ..

الذي أمسكها وقبلها ..

ابتسمت مايا وقالت :

بشار هل تحبني ؟

ابتسم بشار وهو يحاول أن يخفي ألمه الشديد وقال :

طبعاً أحبك .. أحبك .. والله أحبك ..

تنهدت مايا وقالت مبتسمة : أتذكر أول يوم شاهدتني فيه ..

ياااااااااااه .. كيف مضى هذا الوقت حتى الآن ..

أتذكر يوم كنا في النهر ؟

ثم صارت تضحك وتضحك ..

ثم كحت ..

فأمسك بشار برأسها وجلب لها من جوار الفراش كوباً من الماء ..

شربته مايا ..

وأخذ بشار يمسح قطرات العرق من على جبينها ..

فقالت مايا : صدقني يا بشار ..

أيامي معك كانت أحلى أيام يمكن أن تعيشها إنسانة في هذا الوجود ..

بشار أنا والله أحبك ..

احتقن وجه بشار ..

فقالت مايا :

بشار أرجوك اسمعني .. الله يرضى عليك ..

هذه وصيتي .. ولا تقاطعني أرجوك ..

اهتم بصلاتك .. فوالله ما أحببت فيك أكثر إلا وأنت تصلي ..

صلي بخشوع ..

بشار .. أريدك أن تنساني ..

أريد أن تكون سعيداً ..

أريد أن أكون هناك سعيدة ..

لا أريد أن أقلق عليك ..

أريدك أن تتزوج من بعدي ..

وأن تنجب أطفالاً كثار ..

أرجوك .. تلك هي وصيتي ..

واعلم بأني لست نادمة على أي شيء فعلته معك أبداً ..

ولا تلم نفسك أبداً ..

بالله عليك لا تلم نفسك ..

صدقني هكذا أموت وأنا سعيدة ..

لقد مت بين يديك ..

بعدما فعلت أنت كل شيء ممكن ..

بعدما حاولت ما لا يمكن أن يقوم به أحد غيرك ..

لقد رأيتك .. وأنت تقرأ وتبحث ..

صدقني ..

لا أتوقع أن يفعل أحد من اجلي مثلما أنت فعلت ..

هذا الكلام أقوله لك لا لأخفف عليك .. ولكني أقوله لك صدقاً .. من قلبي ..

بشار بدأت عيناه تدمع واحدة تلو الأخرى ..

لم يستطع أن يتحمل ..

فقالت مايا مبتسمة وهي تمسح دموعه :

هل ستنقض اتفاقنا ؟

ولكن بشار انفجر باكيا وهو يقول :

والله لا أستطيع أن أتحمل يا مايا ..

وسقط على صدرها وهو يبكي بحرقة ..

وصارت مايا تحتضنه في وهن ..

وهي تمسح على شعره .. وتقول له :

لا عليك يا حبيبي .. ابكِ كما تشاء .. ابكِ ..

فأنا حبيبتك ..
ومرة دقائق وهو ينتفض .. وهي تربت على ظهره في حنان ..

ثم أمسكت وجهه ..

وطبعت على وجنته قبلة طويلة ..

ثم قالت مبتسمة وهي تقول :

هذه لك .. حتى لا تقول في يوم من الأيام ..

أنك لم تحظ مني -رغم أنك زوجي- حتى بقبله ..

ابتسم بشار رغماً عنه وسط الدموع ..

وأمسك يدها وقبلها ..

ابتسمت مايا ثم قالت :

بشار ..

فقال لها : يا قلب بشار ..

فقالت : اقرأ لي من القرآن ..

أحب أن أستمع إلى صوتك وأنت تقرأ ..

فقال لها : حسناً ..

فجلب القرآن ..

ثم اختار سورة فيها المعجزات والرحمات
.. فتح على سورة مريم ..
وجلس يتلو ..
للاستماع
( كهيعص * ذكر رحمة ربك عبده زكريا *
إذ نادى ربه نداء خفيا *
قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا *
وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا *
يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا *
يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا *
قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا *
قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا *
قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا *
فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا *
يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا *
وحنانا من لدنا وزكوة وكان تقيا *
وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا *
وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا )

وصل بشار إلى منتصف السورة وهو يقرأ ..

كانت مايا قد راحت في النوم ..

تأكد بشار أنها لم يصبها مكروه ..

كان نبضها ضعيفاً ..

ولكنه كان موجوداً ..

نظر في وجهها المصفر ..

قبلها بكل الحب في رأسها ..

ثم وضع رأسه على جوارها في المخدة ..

وراح في نوم ..

استيقظ بشار في صباح ذلك اليوم على وقت صلاة الفجر..

قام بتثاقل ..

رأى مايا كما لو كانت ملاكاً ..

ابتسم ..

قال في نفسه سأصلي .. وبعدها أعود لها بماء حتى تتوضأ لتصلي في فراشها ..

صلى الفجر .. وهو يدعو الله من قلبه أن يشفي مايا ..

انتهى من صلاته وجلب لها دلواً من الماء ..

وأخذ يهزها وهو يقول :

مايا حبيبيتي ..

استيقظي لتصلي الصبح ..

مايا ..


ولكن مايا ..

لم تتحرك ..

أخذ يهزها بعنف ..

وهو يستحثها على النهوض ..

مايا .. مايا ..

استيقظي ..

ولكن مايا لم ترد ..

صار يصرخ ..

مايا .. مايا ..

وما هي إلا ثواني ..

إلا وأهل مايا كلهم موجودين ..

وبشار يمسك بها ويهزها بقوة .. وهو يقول صارخاً :

مايا .. مايا ..

أمسك ساندو ببشار ..

واقترب الأب من مايا..

تحسس نبضها ..

ثم أغمض عينيه ..

ونزلت منه دمعة

لقد أسلمت مايا الروح وفارقت حياة الدنيا ..

ولما شاهد بشار أونيزكا ..

هب إليه متملصاً من يد ساندو ..

وأمسكه من تلابيبه وصرخ فيه : مايا لم تمت .. هل تسمع ..
مايا لم تمت ..

ثم ألقاه بعيداً ..

وتوجه لمايا وهو يقول بصوت خفيض :

مايا .. حبيبتي ..

انهضي ..

إنها صلاة الصبح ..

مايا .. هيا قومي لتصلي ..

أمسك يدها التي كانت باردة كالثلج ..

تركها فسقطت يدها ..

سقط بشار عليها ..

وصار يبكي .. ويبكي بكاءً مريراً ..

كانت أم مايا تبكي في مكانها ..

وهي لم تستوعب الصدمة ..

لم يجد أونيزكا بداً من التصرف ..

أمسك بشار بقوة ..

ثم صفعه وقال :

بشار لقد ماتت مايا ..

لا يمكننا أن نعمل شيئاً ..

وقف بشار متجمداً في محله ..

وكأنما صواعق الأرض كلها نزلت بين عينيه ..

ثم سقط على الأرض ..

انهار دفعة واحدة ..

انهارت جميع خلايا جسده ..

وأصبح غير واعي ..

حمله أونيزكا وساندو إلى غرفته ..

سكبا عليه بعض الماء البارد ..

أفاق للحظات ..

أبدى تحسنا ..

وإن كان ساهماً واجماً ..

وكأنما الدنيا كلها لا تعنيه ..

وكأنما لا شيء في هذه الدنيا يفرق ..

ثم قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ..

وصار يبكي كالأطفال ..

تركه الرجلان .. وذهبا إلى أم مايا ..

وظل بشار يبكي بكاءً ملتهباً ..

حتى أغمي عليه من شدة الإرهاق ..
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:57

كانت همسة تجلس أمام بشار ..

ودموعها تنزل في صمت ..

أحست بغصة في حلقها ..

أما بشار .. فقد أجهش بالبكاء ..

وقد جلس محتبياً ..

ووضع رأسه بين ركبتيه وجلس يبكي ..

أمسكت همسة منديلاً .. ومسحت به أنفها ..

ثم أخذت واحداً آخر ..

واقتربت من بشار ..

وقالت وهي تربت على كتفه :

ادعي لها بالرحمة ..

ذلك ما تستطيع أن تفعله الآن ..

نظر لها بشار بمحمر المدامع ..

تجاهل المنديل ..

أغلق عينيه .. فنزلت دمعة ساخنة .. حرقت خده .. وشقته بقسوة ..

أحست أنها تريد أن ................

نعم .. أحست أنها تريد أن تحتضنه ..

ولكنها لم تستطع ..

أحست أنها تريد أن تحتوي هذا الإنسان ..

أي هم حمل في قلبه حتى الآن ..

أي حادثة يموت فيها من نحب بين أيدينا ..

أي قلب هذا الذي احتمل ..

أن تموت الزوجة والحبيبة بين يديه ..

ولكن بشار قال وهو يمسح أنفه بطرف الكم : هل تجلبين لي كوباً آخر من الماء ..

ثم نظر لها وقال : لو سمحتي ..

نظرت همسة فيه للحظات ..

ثم خرجت من الغرفة وأغلقت الباب في هدوء ..

وذهبت إلى الكافتيريا ..

حتى تمنحه فرصة مناسبة ليتمالك نفسه ..

على الرغم من أنها كانت ودت لو بقيت ..

كانت تحس بفراغ هائل في نفسها ..

فالبنت التي كانت تغار منها قد توفيت ..

وبقي بشار ..

محطم القلب ..

مدمر الفؤاد ..

يعاني من آلام لا تبقي ولا تذر ..

شعرت أنها تمشي وحدها في صالات المستشفى ..

رفعت جوالها ..

10 missed call

كانت كلها من جوال والدتها ..

اتصلت عليها ..

“where have you been?”

فردت همسة وهي تخفي صوت الدموع : عندي عمل يا ماما .. لن أتأخر ..

سوف آتي بعد قليل ..

وأغلقت الهاتف ..

لقد قررت ..

ستوقف بشار هنا ..

لن تدعه يكمل فتح نزيف جراحاته أكثر ..

يكفي ما وصل له إلى الآن ..

سوف تضع الماء وتذهب إلى منزلها ..

إنها لا تتحمل هذا القدر من المشاعر ..
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف سنوات الضياع 2008-07-13, 09:57

وصلت همسة إلى الغرفة ..

طرقت الباب ثم دخلت ..

كان بشار يجلس على سريره مبتسماً بتكابر وعيناه وأذناه قد احمرتا ..

ابتسمت همسة مجاملة له ..

وضعت قارورة الماء أمامه ..

ثم قالت : امممم

سوف أذهب إلى المنزل ..

لقد تأخرت ..

نظر لها بشار : ألا تريدي أن أكمل لك القصة ؟

لم يبق الكثير عليها ..

فقالت همسة : إنك متعب .. لا بد أن أتركك لترتاح ..

قال بشار مقنعاً إياها بأسلوب عقلاني:

على الأقل أنت تؤنسيني ..

لو ذهبت فسوف أبقى وحدي ..

والمستشفى كما تعلمين ملل ..

فقالت وكلامه يدور في رأسها :

لا .. أتوقع أنك سترتاح أكثر لو تركتك وحدك ..

فقال بطريقة عناد :

لا بل سأكمل القصة يعني سأكملها ..

حتى لو ذهبت ..

سأدعو الممرضة حتى تسمعها ..

ما رأيك ؟
كان بشار يكابر بوضوح ..

ابتسمت همسة ..

فقال بشار : لم يبق الكثير ..

وبصراحة .. لا أريد أن أسرد القصة مرة أخرى ..

فلقد فتحت الماضي بكل حروقه ..

حتى كأن مايا قد توفيت البارحة ..

عض على شفتيه ..

وتمتم ببعض الكلمات ..

لمحت همسة منها : اللهم ارحمها يا رب ..

قال بشار :

وحتى لا تملي مني ..

سأذكر لك ما حدث دونما تفصيل ..

فبعد ما حصل ..

وصلت الأخبار إلى مستشفى نينواه ..

وبالطبع أبلغت وزارة الصحة اليابانية ..

التي قامت بفصلي من نقابة الأطباء نهائياً ..
مع غرامة مالية .. استدنت الكثير لأدفعها ..
ولولا أن أهل مايا تنازلو عن حقهم .. لكنت الآن في أحد سجون اليابان أمضي ما تبقى من حياتي ..

ولكني لم أكن أكترث بكل هذه الأمور ..

كنت أراها غير مهمة فحسب..

قالت همسة بعد برهة من الصمت بتساؤل :

كيف تقول بأن لم تحظ من مايا إلا بقبلة واحدة على خدك .. ألم تتزوجها؟

قال بشار : ولكنها لم ترضى أن أقترب منها ..

قالت لي : عندما أستعيد صحتي ..



صمت بشار قليلاً وقال : لا بد أنك تسألي كيف أصبت بالسرطان ؟

وسأقول لك : لم يكن حادثاً عرضياً ..

لقد ..
لقد .. زرعت بعض خلايا مايا السرطانية في جسدي ..

نظرت فيه همسة وصرخت : مجنوووووووووون !

لم يهتم بشار كثيراً لما قالت همسة ولكنه تابع :

كنت في حالة من الهذيان ..

مرت بي أفكار كثيرة ..

وقلت في نفسي ..

إن لم أستطع أن أعالج نفسي ..

ومت ..

بذلك أتأكد أنني فعلت كل ما أستطيع من أجل مايا ..

كنت لازلت في مرحلة ألوم فيها نفسي ..

نظرت هي فيه وهو يرمقها في ألم ..

ثم تنهد وقال : هذه هي الحكاية كلها ..

قالت همسة :

أأنت مجنون لتفعل الذي فعلت ؟

أتدرك أنك قد انتحرت ..
كيف تزرع في نفسك خلايا سرطانية ؟!
ألا تعلم أنها السبب في حالتك الصحية الآن ..
هذا وأنت طبيب ..

قال لها صارخاً : همسة .. اشعري بإنسان ضاعت منه أغلى إنسانة في حياته ..
بل أغلى شيء في الدنيا كلها ..

فكري بمنطق رجل أحب حتى النخاع مثلي ..

ولا تفكري وأنت تقفين تمثالاً من الزجاج البارد وكأنما لا تحسين بقطرة من بحر جحيمي ..

إني حتى لم استطع أن أنفذ وعودي لها ..
ثم هامت نظرته في السرير بين قدميه ..

المسكينة كانت تريد أن ترى مكة ..

كانت تريديني ألا أبكي ..

وها أنا مثل النساء أنتحب كل مرة أتذكرها ..


صمتت همسة أمام صراخ بشار ..

الذي هدأ بعد لحظات وقال :

ولكن كلامك صحيح ..

ولكني لم أكن في حالة من الوعي ..

كنت أعمى البصيرة ..



صمت للحظات ..

غطى نفسه بالفراش ..

وقال لها : أريد أن أنام ..

أرجوك أغلقي الباب .. واذهبي ..



هذه المرة .. لم تحس همسة بأي شيء ..

أحست أنها تريد أن تتركه ..

أحست أنه لا قبل لها بمواجهة مثل هذه الأحاسيس كلها ..
لابد أنه يحتاج للراحة ..
لقد استنفذ كل قدرته على إخفاء الألم ..

وأطفأت الأنوار ..

ثم خرجت من الغرفة بهدوء ..


كانت همسة في السيارة ..

حين جلست صامتة لبضع ثواني ..

ثم بدأت عيناها تذرف الدموع ..

ثم صارت تبكي بصوت خافت ..

وصلت إلى المنزل ..

لم تكن في حالة تسمح لها بأن تقابل أحداً ..

حمدت الله أن أحداً لم يكن موجوداً في الصالة ..

صعدت إلى غرفتها بتثاقل شديد ..

دخلتها ..

كانت مضاءة ..

ولكن ..كأنما الأنوار لا تريد أن تبدد الكآبة التي غلفت محياها ..

جلست فوق سريرها ..

ثم صارت تبكي وهي تقول :

لماذا أحببت يا ربي ؟
وصارت تضع رأسها بين يديها ..
وشعرها يتناثر بلا نظام ..

كانت لأول مرة تعترف أنها تحبه ..

نعم إنها تحبه ..

حتى عندما قال لها بأنه تزوج مايا ..

غارت بقوة ..

بل إنها لا تزال حانقة ..

وهي تقول في نفسها :

ما كان له أن يتزوج ..

كانت تريد أن تسب مايا وتشتمها ..

ولكنها توقفت في اللحظة الأخيرة ..

نظرت في الدب الصغير ..

تأملته قليلاً ..

ثم أقفلت الأنوار ..

وأخذته في حضنها ..

وأضمرت في نفسها شيئاً ..

أغمضت عينيها ..

ثم نامت ..


ترى ماذا قررت همسة ؟
هل ستتوقف القصة هنا وتنتهي ؟
وأين باقي أفراد القصة منها ؟
أم أن القصة هنا بدأت ؟
فراس .. هل سيضيع مع الريح ؟
ولماذا أتى بشار هنا ؟

الكثير من الأحداث بانتظاركم في قصتي ..
حب في المستشفى الجامعي
سنوات الضياع
سنوات الضياع
•-«[ عضو مجتهد ]»-•
•-«[ عضو مجتهد ]»-•

عدد الرسائل : 622
العمر : 33
رقم العضوية : 30
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Qatary22
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue10 / 10010 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 09/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجز الثامن والتاسع من القصه Empty رد: الجز الثامن والتاسع من القصه

مُساهمة من طرف همسة حب 2008-07-15, 20:42

راح انام
طولت القصة
مشكووووووووووووووووووووووور
همسة حب
همسة حب
•-«[ سبسطية الصمود ]»-•
•-«[ سبسطية الصمود ]»-•

عدد الرسائل : 3721
العمر : 33
رقم العضوية : 25
الاقامة : بلاد الله الواسعة
مزاجي : الجز الثامن والتاسع من القصه Unknow10
معدل تقيم المستوى :
الجز الثامن والتاسع من القصه Left_bar_bleue20 / 10020 / 100الجز الثامن والتاسع من القصه Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 03/04/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى